للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكثيرا ما كان بدمشق ينكر المنكر، ويكسر الطنابير والشبابات.

وسمعت أبا بكر بن أحمد بن محمد الطحان، قال: كان بعض أولاد صلاح الدّين قد عملت لهم طنابير، وحملت إليهم، وكانوا فى بعض البساتين يشربون، فلقى الحافظ الطنابير تحمل إليهم، فكسرها ودخل المدينة، فلما خرج منها لحقه قوم كثير بعصىّ، ومعه رجل، فلحقوا صاحبه، وأسرع الحافظ فقال لهم الرجل: أنا ما كسرت شيئا، هذا الذى كسر، قال: فإذا رجل يركض فرسا، فترجل عن الفرس، وجاء إلىّ وقبل يدى، وقال: يا شيخ، الصبيان ما عرفوك.

وسمعت بعض أصحابنا يحدث عن الأمير درباس المهرانى، أنه كان دخل مع الحافظ إلى الملك العادل، فلما قضى الملك كلامه مع الحافظ، جعل يتحدث مع بعض الحاضرين فى أمر ماردين وحصارها، وكان حاصرها قبل ذلك، فسمع الحافظ كلامه، فقال: إيش هذا، وأنت بعد تريد قتال المسلمين، ما تشكر الله فيما أعطاك إماما؟، قال: وسكت الملك العادل، فما أعاد ولا بدى، ثم قام الحافظ وقمت معه، فلما خرجنا، قلت له: إيش هذا؟ نحن كنا نخاف عليك من هذا الرجل: ثم تعمل هذا العمل؟ فقال: أنا إذا رأيت شيئا لا أقدر أصبر.

وسمعت أبا بكر بن أحمد الطحان قال: كان فى دولة الأفضل بن صلاح الدين قد جعلوا الملاهى عند درج جيرون، فجاء الحافظ فكسر شيئا كثيرا منها، ثم جاء فصعد المنبر يقرأ الحديث، فجاء إليه رسول من القاضى يأمره بالمشى إليه، يقول حتى يناظره فى الدفّ والشبابة، فقال الحافظ: ذلك عندى حرام، وقال:

أنا لا أمشى إليه، إن كان له حاجة، فيجئ هو، ثم قرأ الحديث، فعاد الرسول فقال: قد قال: لا بد من المشى إليه، أنت قد بطلت هذه الأشياء على السلطان، فقال الحافظ: ضرب الله رقبته، ورقبة السلطان. قال: فمضى الرسول، وخفنا أن تجرى فتنة. قال: فما جاء أحد بعد ذلك.

قال الضياء: وكان قد وضع الله له الهيبة فى قلوب الخلق.

<<  <  ج: ص:  >  >>