للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سمعت أبا محمد فضائل بن محمد بن على بن سرور المقدسى، قال: سمعتهم يتحدثون بمصر: أن الحافظ كان قد دخل على الملك العادل، فلما رآه قام له، فلما كان فى اليوم الثانى من دخوله عليه، إذ الأمراء قد جاءوا إلى الحافظ إلى مصر، فقالوا: آمنا بكرامتك يا حافظ، وذكروا أن العادل قال: ما خفت من أحد، ما خفت من هذا، فقلنا: أيها الملك، هذا رجل فقيه، إيش خفت من هذا؟ قال:

لما دخل ما خيل إلىّ إلا أنه سبع يريد أن يأكلني، فقلنا: هذه كرامة الحافظ.

قال: وشاهدت بخط الحافظ، يذكر أنه بلغه عن العادل ذلك. قال:

وما أعرف أحدا من أهل السنة رأى الحافظ إلا أحبه حبا شديدا، ومدحه مدحا كثيرا.

سمعت أبا الثناء محمود بن سلامة الحرانى بأصبهان، قال: كان الحافظ بأصبهان، يصطف الناس فى السوق، فينظرون إليه.

وسمعته يقول: لو أقام الحافظ بأصبهان مدة، وأراد أن يملكها، لملكها - يعنى من حبهم له - ورغبتهم فيه، ولما وصل إلى مصر أخيرا كنا بها، فكان إذا خرج يوم الجمعة إلى الجامع، لا نقدر نمشى معه من كثرة الخلق، يتبركون به، ويجتمعون حوله.

قال: وكان رحمه الله، ليس بالأبيض الأمهق، بل يميل إلى السمرة، حسن الشعر، كثّ اللحية، واسع الجبين، عظيم الخلق، تام القامة، كأن النور يخرج من وجهه، فكان قد ضعف بصره من كثرة البكاء، والنسخ والمطالعة.

وكان حسن الخلق، رأيته وقد ضاق صدر بعض أصحابه فى مجلسه، وغضب، فجاء إلى بيته وترضاه، وطيب قلبه.

وكنا يوما عنده نكتب الحديث ونحن جماعة أحداث، فضحكنا من شئ وطال الضحك، فرأيته يتبسم معنا ولا يحرد علينا. وكان سخيا جوادا كريما لا يدّخر دينارا ولا درهما. ومهما حصل له أخرجه. ولقد سمعت عنه أنه كان

<<  <  ج: ص:  >  >>