للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على السيف خمس مرات، لا يقال لى: ارجع عن مذهبك، لكن يقال لى:

اسكت عمن خالفك، فأقول: لا أسكت.

قال: وحكى لنا أصحابنا أن السلطان «ألب أرسلان» حضر هراة، وحضر معه وزيره أبو على الحسن بن على بن إسحاق، فاجتمع أئمة الفريقين من أصحاب الشافعى، وأصحاب أبى حنيفة، للشكاية من الأنصارى، ومطالبته بالمناظرة.

فاستدعاه الوزير. فلما حضر قال: إن هؤلاء القوم اجتمعوا لمناظرتك: فإن يكن الحق معك رجعوا إلى مذهبك، وإن يكن الحق معهم: إما أن ترجع، وإما أن تسكت عنهم. فقام الأنصارى وقال: أنا أناظر على ما فى كمّيّ. فقال له: وما فى كميك؟ فقال: كتاب الله، وأشار إلى كمه اليمين، وسنة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأشار إلى كمه اليسار، وكان فيه الصحيحان. فنظر إلى القوم كالمستفهم لهم، فلم يكن فيهم من يمكنه أن يناظره من هذه الطريق.

قال: وسمعت أحمد بن اميرجه القلانسى خادم الأنصارى يقول: حضرت مع الشيخ للسلام على الوزير أبى على الطوسى، وكان أصحابه كلفوه بالخروج إليه، وذلك بعد المحنة، ورجوعه من بلخ، فلما دخل عليه أكرمه وبجّله، وكان فى العسكر أئمة من الفريقين فى ذلك اليوم، وقد علموا أنه يحضر، فاتفقوا جميعا على أن يسألوه عن مسألة بين يدى الوزير: فإن أجاب بما يجيب به بهراة سقط من عين الوزير، وإن لم يجب سقط من عيون أصحابه وأهل مذهبه. فلما دخل واستقر به المجلس انتدب له رجل من أصحاب الشافعى، يعرف بالعلوى الدبوسى، فقال: يأذن الشيخ الإمام فى أن أسأل مسألة؟ فقال: سل، فقال: لم تلعن أبا الحسن الأشعرى؟ فسكت، وأطرق الوزير لما علم من جوابه. فلما كان بعد ساعة، قال له الوزير: أجبه، فقال: لا أعرف الأشعرى. وإنما ألعن من لم يعتقد أن الله عزّ وجل فى السماء، وأن القرآن فى المصحف، وأن النبى اليوم نبى.

ثم قام وانصرف، فلم يمكن أحد أن يتكلم بكلمة من هيبته وصلابته وصولته.

<<  <  ج: ص:  >  >>