ومذهبى أن (بسم الله الرحمن الرحيم) من الفاتحة، ومذهبه أنها ليست من الفاتحة، وأخاف أن يكون فى صلاتى شئ، فمضينا إلى المسجد، فوجدنا الشيخ، فسلم على والدى وعانقه، ثم قال: يا أخى، صل وأنت طيب القلب؛ فإننى ما تركت (بسم الله الرحمن الرحيم) فى نافلة، ولا فريضة، منذ أممت بالناس، فالتفت إلىّ والدى، وقال: احفظ.
وكان بعض الناس يرسل إلى الشيخ فى كل سنة شيئا فيقبله، فأرسل إليه مرة دينارين فردهما فتألم، ثم فكر فيهما، فوجدهما من جهة غير طيبة. قال: فبعث إليه غيرهما، فقبلهما.
قال الضياء: وسمعت أحمد بن عبد الملك بن عثمان، قال: جاء رجلان إلى الشيخ أبى عمر، فقالا له: إن قراحا قد أخذ فلانا وحبسه، فادع عليه، فباتا عند الشيخ، فلما كان من الغد قال: قضيت الحاجة، وإذا جنازة قراح عابرة، وأطال الضياء ترجمة الشيخ أبى عمر. وكذلك أبو المظفر سبط ابن الجوزى فى المرآة. وقال: كان معتدل القامة، حسن الوجه، عليه أنوار العبادة، لا يزال مبتسما، نحيل الجسم من كثرة الصيام والقيام.
قال: وكان إذا نزل من الجبل لزيارة القبور - أو غير ذلك - جمع الشيخ من الجبل وربطه بحبل، وحمله إلى بيوت الأرامل واليتامى، ويحمل فى الليل إليهم الدراهم والدقيق، ولا يعرفونه. قال: وما نهر أحدا. ولا أوجع قلب أحد.
وكان يقول: أنا زاهد. ولكن فى الحرام.
ولما نزل صلاح الدين على القدس كان هو وأخوه الموفق والجماعة فى خيمة، فجاء العادل إلى زيارته وهو فى الصلاة، فما قطعها ولا التفت إليه ولا ترك ورده.
وكان يصعد المنبر فى الجبل، وعليه ثوب خام مهدول الجيب، وفى يده عصا والمنبر يومئذ ثلاث مراق. وكان يجاهد فى سبيل الله.، ويحضر الغزوات مع صلاح الدين.