ولأن «أن» قد جاءت بعدها صريحة فى قوله تعالى (٢٦٦:٢ {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ)} وإنما لم تنصب، لأن «لو» قد تعددت معانيها، فلم تختص، وجرت مجرى «حتى» فى الأفعال. والقسم الأول يرد فى اللغة على خمسة أوجه.
أحدها: أن تدل على كلام لا نفى فيه، كقولك: لو قمت قمت، ويفيد ذلك امتناع قيامك لامتناع قيامه.
والثانى: أن تدخل على نفيين، فيصير المعنى إلى إثباتهما، كقولك: لو لم تزرنى لم أكرمك، أى أكرمتك لأنك زرتنى، فانقلب النفى ههنا إثباتا، لأن «لو» امتناع، والامتناع نفى، والنفى إذا دخل على النفى صار إيجابا.
والثالث: أن يكون النفى فيما دخلت عليه دون جوابها، كقولك: لو لم تشتمه لأكرمك، فالشتم واقع، والإكرام منتف، والامتناع أزال النفى، وبقى الإيجاب بحاله.
والرابع: عكس الثالث، وهو قولك: لو أحسن إليك لم تسئ إليه، والمعنى معلوم.
والخامس: أن تقع للمبالغة، فلا تفيد مفادها فى الوجوه الأول، كقول عمر رضى الله عنه «نعم العبد صهيب، لو لم يخف الله لم يعصه» والمعنى: أنه لو لم يكن عنده خوف لما عصى، فكيف يعصى وعنده خوف؟ ولو لم يرد المبالغة لكان معنى ذلك: أنه يعصى الله، لأنه يخافه.
وقال أيضا:«لو» فى الموضع اللغوى تعلق فعلا بفعل، والفعل الأول علة الثانى، إلا أن يكون هنا قرينة صارفة تصرفها عن هذا الأصل. وهو أن يدل المعنى على إرادة المبالغة، كقولك: لو أهين زيد لأحسن إلى من يهينه، والمعنى:
أنه إذا أكرم كان أولى بالإحسان، لا أنه إذا لم يهن لم يحسن.