للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحدها: أن تكون بمعنى «غير».

والثانى: أن تكون بمعنى «دع» فتكون مبنية على الفتح.

والثالث: أن تكون بمعنى «كيف» فإن دخلت «من» عليها كانت معربة، وجرّت بمن.

وذكر أن أبا على الفارسى حكى عن أبى زيد القلب، فيقال «بهل» إلا أنها لا تستعمل مثل «بله» لأنها فرع.

وقال أبو البقاء: سألنى سائل عن قوله صلّى الله عليه وسلم «إنما يرحم الله من عباده الرحماء» فقال: أيجوز فى «الرحماء» الرفع والنصب؟ وذكر أن بعضهم زعم أن الرفع غير جائز. فأجبت: بأن الوجهين جائزان.

أما النصب: فله وجهان، أقواهما: أن تكون «ما» كافّة لأنّ عن العمل فلا يكون فى «الرحماء» على هذا إلا النصب، لأن «إن» إذا كفّت عن العمل وقعت بعدها الجملة ابتدائية، ولم يبق لها عمل، فيتعين حينئذ نصب «الرحماء» ب‍ «يرحم» إذ لم يبق لها تعلق بإنّ. ومثله (١٧٣:٢ {إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ)} على قراءة من نصب، وفائدة دخول «ما» على هذا الوجه:

إثبات المذكور، ونفى ما عداه، فتثبت الرحمة للرحماء دون غيرهم.

والوجه الثانى: أن تكون «ما» زائدة، و «إن» بمعنى «نعم» وزيادة «ما» كثيرا، ووقوع «إن» بمعنى «نعم» كثير. فمنه قوله تعالى (٦٣:٢٥ {إِنْ هذانِ لَساحِرانِ)} فى أحد القولين. ومنه قول ابن الزبير، حين قال له رجل:

لعن الله ناقة حملتنى إليك، فقال «إنّ وراكبها» وهو كثير فى الشعر.

فإن قيل: إنما يجئ ذلك بعد كلام تكون جوابا له، ولم تسبق «ما» يجاب عليه: «نعم»

قيل: إن لم يسبق لفظا فهو سابق تقديرا، فكأن قائلا قال للنبى صلّى الله عليه وسلم: يرحم الله من عباده من يرحم الخلق، وإن كان مقصرا فيما بينه وبين

<<  <  ج: ص:  >  >>