وسائر الصحابة والأئمة المرضيين، لا أبالى من لا منى فى اتباعهم. ولا من فارقنى فى وفاقهم. فأنا كما قال الشاعر:
أجد الملامة فى هواك لذيذة … حبا لذكرك. فليلمنى اللّوم
فمن وافقنى على متابعتهم. وأجابنى إلى مرافقتهم وموافقتهم فهو رفيقى وحبيبى وصديقى، ومن خالفنى فى ذلك فليذهب حيث شاء. فإن السبل كثيرة، ولكن خطرة. وقوله بسعادته: إن تعلقه بأن لفظ «التخليد» لم ترد: ليس بشئ.
فأقول: لكنى عندى أنا هو الشئ الكبير، والأمر الجليل الخطير. فأنا أوافق أئمتى فى سكوتهم، كموافقتى لهم فى كلامهم، أقول إذا قالوا، وأسكت إذا سكتوا، وأسير إذا ساروا، وأقف إذا وقفوا، وأحتذى طريقهم فى كل أحوالهم جهدى، ولا أنفرد عنهم خيفة الضيمة إن سرت وحدى. فأما قوله: إن كتب الأصحاب القديمة والحديثة فيها القول بتكفير القائل بخلق القرآن: فهذا متضمن أن قول الأصحاب هو الحجة القاطعة. وهذا عجب. أترى لو أجمع الأصحاب على مسألة فروعية، أكان ذلك حجة يقتنع بها، ويكتفى بذكرها؟ فإن كان فخر الدين يرى هذا فما يحتاج فى تصنيفه إلى ذكر دليل سوى قول الأصحاب. وإن كان لا يرى ذلك حجة فى الفروع، فكيف جعله حجة فى الأصول؟ وهب أنا عذرنا العامة فى تقليدهم الشيخ أبا الفرج وغيره من غير نظر فى دليل. فكيف يعذر من هو إمام يرجع إليه فى أنواع العلوم؟ ثم إن سلمنا ما قال، فلا شك أنه ما اطلع على جميع تصانيف الأصحاب. ثم إن ثبت أن جميعهم اتفقوا على تكفيرهم، فهو معارض بقول من لم يكفرهم. فإن الشافعى وأصحابه لا يرون تكفيرهم إلا أبا حامد.
فبم يثبت الترجح؟ ثم إن اتفق الكل على تكفيرهم، فليس التخليد من لوازمه.
فإن النبى صلّى الله عليه وسلم قد أطلق التكفير فى مواضع لا تخليد فيها - وذكر حديث «سباب المسلم فسوق، وقتا له كفر» وغيره من الأحاديث. وقال: قال أبو نصر السجزى: اختلف القائلون بتكفير القائل بخلق القرآن. فقال بعضهم: