كفر ينقل عن الملة. وقال بعضهم: كفر لا ينقل عن الملة. ثم إن الإمام أحمد - الذى هو أشد الناس على أهل البدع - قد كان يقول للمعتصم: يا أمير المؤمنين، ويرى طاعة الخلفاء الداعين إلى القول بخلق القرآن، وصلاة الجمع والأعياد خلفهم ولو سمع الإمام أحمد من يقول هذا القول، الذى لم يرد عن النبى صلّى الله عليه وسلم، ولا عن أحد قبله: لأنكره أشد الإنكار. فقد كان ينكر أقل من هذا. ثم إن علمتم أنتم هذا، أفيحل لى ولمثلى ممن لم يعلم صحة هذا القول أن يقول به؟ وهل فرض الجاهل بشئ إلا السكوت عنه؟ فأنا ما أنكرت هذا إلا على الجاهل به.
أما من قد اطلع على الأسرار، وعلم ما يفعله الله تعالى على جليته فما أنكرت عليه.
ولا ينبغى له أن يأمرنى أن أقول بمقالتى، مع جهلى بما قد علمه، لكن إذا اعتقدتم هذا، فينبغى أن يظهر عليكم آثار العمل به فى ترك مصادقتهم، وموادتهم وزيارتهم، وأن لا تعتقدوا صحة ولايتهم، ولا قبول كتاب حاكم من حكامهم، ولا من ولاه أحد منهم. وأنتم تعلمون أن قاضيكم إنما ولايته من قبل أحد دعاتهم.
وأما قولك بسعادتك «انظر كيف تتلافى هذه الهفوة. وتزيل تكدير الصفوة» فإن قنع منى بالسكوت فهو مذهبى وسبيلى، وعليه تعويلى. وقد ذكرت عليه دليلى. وإن لم يرض منى إلا أن أقول ما لا أعلم، وأسلك السبيل الذى غيره أسدّ وأسلم، وأخلع عذارى فى سلوك ما فيه عثارى، ويسخط على البارى: ففى هذا التلافى تلافى، وتكدير صافى أوصافى، لا يرضاه لى الأخ المصافى، ولا من يريد إنصافى، ولا من سعى فى إسعافى. وما أتابعه ولو أنه بشر الحافى.
إلى أن قال: واعلم أيها الأخ الناصح أنك قادم على ربك، ومسئول عن مقالتك هذه. فانظر من السائل. وانظر ما أنت له قائل. فأعد للمسألة جوابا.
وادرع للاعتذار جلبابا. ولا تظن أنه يقنع منك فى الجواب بتقليد بعض الأصحاب.
ولا يكتفى منك بالحوالة على الشيخ أبى الفرج وابن الزاغونى وأبى الخطاب.
ولا يخلصك الاعتذار بأن الأصحاب اتفقوا على أنهم من جملة الكفار، ولازم