هذا الخلود فى النار. فإن هذا الكلام مدخول، وجواب غير مقبول.
إلى أن قال: فأنتم إن كنتم أظهركم الله على غيبه، وبرأكم من الجهل وعيبه، وأطلعكم على ما هو صانع بخلقه: فنحن قوم ضعفاء، قد قنعنا بقول نبينا عليه السلام، وسلوك سبيله، ولم نتجاسر على أن نتقدم بين يدى الله ورسوله. فلا تحملوا قوتكم على ضعفنا، ولا علمكم على جهلنا.
وهى رسالة طويلة، لخصت منها هذا القدر.
أخذ العلم عن الشيخ فخر الدين جماعة، منهم: ولده أبو محمد عبد الغنى خطيب حران، وابن عمه الشيخ مجد الدين عبد السلام.
وسمع منه خلق كثير من الأئمة والحفاظ. منهم ابن نقطة، وابن النجار، وسبط ابن الجوزى، وابن عبد الدائم. وروى عنه عبد الرحمن بن محفوظ الرسعنى وأبو عبد الله بن حمدان الفقيه، والأبرقوهى.
وله شعر كثير حسن. قرأت بخط ولده أبى محمد عبد الغنى قال: أنشدنى الوالد رحمه الله لنفسه:
أتت رحلتى، وقد أتانى المسير … وزادى من النسك نزر حقير
وقلبى على جمرات الأسى … من الخوف من خالقى مستطير
وكم زلة قد نقحمتها … فدمعى لها وعليها غزير
مضى عمرى، وانقضت مدتى … ولم يبق من ذاك إلا اليسير
كأنى بكم حاملين السرير … بشخصى، وناهيك ذاك السرير
تقلونه شرجعا مثقلا … علو ما لجنبيه منها صرير
إلى منزل ليس فى ربعه … أنيس لساكنه أو نصير
سوى عمل صالح بالتقى … فنعم الأنيس، ونعم الخفير
وقال ابن النجار: أنشدنى لنفسه ببغداد:
أرى خلوتى فى كل يوم وليلة … تؤول إلى نقص، وتفضى إلى ضعف