للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما كان ابن سريج (١) يفعله، فإنّه كان يغسل الأذنين مع الوجه (٢)، (ثمّ) (٣) يمسحهما أيضًا منفردتين، عملًا بمذاهب العلماء. وهذه الرواية فيها تطهيرهما مع الوجه ومع الرأس.

(ثمّ أخذ بكفّه اليمنى قبضة من ماء فصبّها على ناصيته فتركها تستنّ على وجهه) قال النووي في شرحه: هذه اللّفظة مشكلة فإنّه ذكر الصّب على الناصية بعد غسل الوجه ثلاثًا وقبل غسل اليدين، فظاهره أنّها مرّة رابعة في غسل الوجه، وهذا خلاف إجماع المسلمين، فيتأوّل على أنّه كان بقي من أعلى الوجه شيء لم يكمل فيه الثّلاث فأكمله بهذه القبضة.

وقال الشيخ وليّ الدّين: الظاهر أنّه إنما صبّ الماء على جزء من الرأس وقصد بذلك تحقّق استيعاب الوجه، كما قال الفقهاء إنّه يجب غسل جزء من الرأس لتحقق غسل الوجه.

قلت: وعندي وجه ثالث في تأويله، وهو أن المراد بذلك ما يسنّ فعله بعد فراغ غسل الوجه من أخذ كف من ماء وإسالته على جبهته. قال الأسنوي: رأيت في الزيادات للعبّادي أنّه يستحبّ للمتوضّئ بعد غسل وجهه أن يضع كفًّا من ماء على جبهته لينحدر على وجهه. وفي معجم الطبراني الكبير بسند حسن عن الحسن بن علي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا توضّأ فَضّل ماءً حتى يسيله على موضع سجوده.

وقال الخطّابي: معنى تستنّ تسيل وتنصبّ، يقال: سننت الماء إذا صببته صبًا سهلًا.


(١) في ج: "شريح".
(٢) هنا في ب زيادة: "ويمسحهما مع الرأس".
(٣) في ج: "و".

<<  <  ج: ص:  >  >>