للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب في الحَياء]

(إنّ ممّا أدرك الناس من كلام النبوّة الأولى إذا لم تستحي (١) فافعل ما شئت) قال الخطّابي: معناه أنّ الحياء لم يزل أمره ثابتًا واستعماله واجبًا منذ زمان النبوّة الأولى، فإنّه ما من نبيّ إلّا وقد ندب إلى الحياء وبعث عليه، وأنّه لم ينسخ فيما نسخ من شرائعهم، ولم يبدّل فيما بدّل منها، وذلك أنّه أمر قد علم صوابه، وبان فضله، واتّفقت العقول على حسنه، وما كان هذا صفته لم يجر عليه النسخ والتبديل. وقوله: "فافعل ما شئت" فيه ثلاثة أقوال؛ أحدها: أن يكون معناه الخبر وإن كان لفظه الأمر، كأنّه يقول إذا لم يمنعك الحياء فعلت ما شئت، أي: ما تدعوك إليه نفسك من القبيح، وإلى هذا ذهب أبو عبيد، وقال ثعلب معناه الوعيد كقوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ}، وقال أبو إسحاق المروزي فقيه الشافعية: معناه أن تنظر فإذا كان الشيء الذي تريد أن تفعله ممّا لا يستحيى منه فافعله، يريد ما يستحيى منه فلا تفعله.

***

[باب في حسن الخلق]


(١) كذا رسمت في النسخ الثلاث، وفي سنن أبي داود المطبوع: "تستح".

<<  <  ج: ص:  >  >>