(ثلاث من كل شهر ورمضان إلى رمضان فهذا صيام الدّهر) قال الشّيخ عزّ الدّين بن عبد السلام: معناه: أنّ الحسنة بعشر أمثالها، فثلاثة أيّام بثلاثين حسنة على عدد أيّام الشهر، وفي كل شهر كذلك فقد تعمّر دهره. قال: وهنا سؤال، وهو أنّ هذا لا يصحّ لأن لفظ الحديث دلّ على أن من صام ثلاثة أيام فكأنَّما أوقع ثلاثين من الصيام وثلاثون في عشرة بثلاث مائة، لأنّ كلّ يوم من الذي دلّ عليه الحديث له عشر حسنات، فالذي دلّ عليه الحديث أعظم ممّا دل عليه قوله تعالى:{مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}، فلا يصحّ أن يفسّر الحديث بما فهم من الآية؟ قال: والجواب أنّ معنى الآية أن له (عشرة أمثالها)(١) ما كان يثاب عليه من قبلنا من الأمم، فضلًا من الله ونعمة، ومعنى الحديث أنّ الصائم ثلاثة أيام كأنّه صام الدهر كلّه أن لو كان من غير هذه الأمّة، لأنّه يحصل له ثلاثون حسنة في كلّ شهر وهي التي كانت تحصل لمن صام الدهر كلّه فيمن كان قبلنا، فصار كأنّه صام الدهر كلّه لو كان من غير هذه الأمّة، ومثل هذا الحديث قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن صام رمضان وأتبعه بستّ من شوّال كان كصيام الدّهر"، أو قال:"سنة"، إلَّا أن هذا الصيام أعظم لأنّه فرض، أعني خمسة أسداسه التي هي أيام رمضان، والفرض أفضل وأكثر ثوابًا من النفل، فيدل هذا الحديث على أنّ صيام هذه الأيام مع رمضان كأنّه صام دهره، خمسة أسداسه يثاب عليه ثواب الفرض، وسدسه يثاب عليه ثواب التفل. انتهى.