(عشر من الفطرة) قال الخطّابي: فسّر أكثر العلماء الفطرة في هذا الحديث بالسنّة، وتأويله أن هذه الخصال من سنن الأنبياء الذين أمرنا أن نقتدي بهم لقوله تعالى:{فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}. وأوّل من أمر بها إبراهيم عليه السلام وذلك قوله تعالى:{وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} قال ابن عباس: أمره بعشر خصال - ثمّ عدّدهنّ - فلمّا فعلهنّ قال:{إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا}، أي: ليُقْتَدى بك ويستنّ بسنتك. وقد أمرت هذه الأمة بمتابعته خصوصًا، وبيان ذلك في قوله:{ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا}، ويقال: إنّها كانت عليه فرضًا وهنّ لنا سنَّة.
(قصّ الشّارب) هو الشّعر النّابت على الشّفة العليا، قال الحافظ أبو الفضل بن حجر في شرح البخاري: أكثر الأحاديث وردت بلفظ القصّ، وورد في بعضها بلفظ الحلق، وبلفظ:"جزّوا الشّوارب"، وبلفظ:"أحفوا الشوارب"، وبلفظ:"أنهكوا الشوارب". قال: وكلّ هذه الألفاظ تدلّ على أن المطلوب المبالغة في الإزالة لأنّ الجرّ قصّ الشّعر والصوف إلى أن يبلغ الجلد، والإحفاء الاستقصاء، والنّهك المبالغة في الإزالة. وقد علّق البخاري عن ابن عمر أنّة كان يحفي شاربه حتى يرى بياض الجلد، ووصله أبو بكر الأثرم والطّبري والبيهقي من طرق عنه. وقال الطّحاوي: لم أر عن الشافعي