للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أتدري ما الله) إلى آخره قال الخطّابي: هذا الكلام إذا أجري على ظاهره كان فيه نوع من الكيفية، والكيفية عن الله وعن صفاته منفيّة، وليس المراد منه تحقيق هذه الصفة ولا تحديده على هذه الهيئة، وإنّما هو كلام تقريب أريد به تقرير عظمة الله وجلاله سبحانه، من حيث يدركه فهم السامع إذ كان أعرابيًّا جلفًا لا علم له بمعاني ما دقّ من الكلام وبما لطف منه عن درك الإفهام، وفي الكلام حذف وإضمار، فمعنى قوله "أتدري ما الله" أتدري ما عظمة الله وجلاله، وقوله: (وإنّه ليئط) معناه أنّه ليعجز عن جلاله وعظمته حتى يئط به، إذ كان معلومًا أنّ أطيط الرّحل بالرّاكب إنّما يكون لقوّة ما فوقه، ولعجزه عن احتماله، فقرّب بهذا النّوع من التمثيل عنده، معنى عظمة الله وجلاله وارتفاع عرشه، ليعلم أنّ الموصوف بعلوّ الشأن وجلالة القدر وفخامة الذكر، لا يجعل شفيعًا إلى ما هو دونه في القدر، وأسفل منه في الدّرجة، وتعالى الله أن يكون مشبّهًا بشيء أو مكيفًا بصورة خلق، أو مدركًا بحدّ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)}، وقد ذكر البخاري هذا الحديث في التاريخ ولم يدخله في الجامع الصحيح. انتهى.

***

[باب في الرؤية]

<<  <  ج: ص:  >  >>