للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(نهى أن يشرب الرجل قائمًا) الحكمة في ذلك أنّه يرث داء في الجوف، قال الحافظ أبو الفضل بن حجر.

إذا رمت تشرب فاقعد تفز ... بسنة صفوة أهل الحجاز

وقد صحّحوا شربه قائما ... ولكنّه لبيان الجواز

وقال ابن القيم في الهدي: من هديه - صلى الله عليه وسلم - الشرب قاعدًا، هذا كان هديه المعتاد، وصحّ عنه أنّه نهى عن الشرب قائمًا، وصحّ عنه أنّه شرب قائمًا، فقالت طائفة: لا تعارض بينهما أصلًا فإنّه إنّما شرب قائمًا للحاجة، فإنّه جاء إلى زمزم وهم يستقون منها فاستقى فناولوه الدلو فشرب وهو قائم، وهذا كان موضع حاجة.

وللشرب قائمًا آفات عديدة، منها أنّه لا يحصل الريّ التام به، ولا يستقرّ في المعدة حتى يقسمه الكبد على الأعضاء، وينزل بسرعة وحدة إلى المعدة، فيخشى منه أن يبرد حرارتها ويسرع النفوذ إلى أسافل البدن بغير تدريج، وكل هذا يضرّ بالشّارب، فأمّا إذا فعله نادرًا أو لحاجة فلا، ولا يعترض على هذا بالعوائد، فإنّ العوائد لها طبائع ثوان، ولها أحكام أخرى، وهي بمنزلة الخارج عن القياس عند الفقهاء. انتهى.

وقال البيهقي في سننه: النهي عن الشرب قائمًا إمّا أن يكون نهي تنزيه أو نهي تحريم، ثمّ صار منسوخًا لحديث أنّه شرب من زمزم وهو قائم.

* * *

[باب الشرب من في السقاء]

<<  <  ج: ص:  >  >>