للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحباني منصب الاجتهاد، وأتاني البراعة وطول الباع في فنون العلوم ونشر تصانيفي في المشرق والمغرب ولله الحمد والمنّة.

ومن اللَّطائف ما ذكر الحافظ أبو الفضل بن حجر قال: تفرد (١) على رأس المائة الثمانمائة خمسة بخمسة، السراج البلقيني بالاجتهاد، والزّين العراقي بالحديث، والشمس الغماري بالنّحو، والمجد الشيرازي صاحب القاموس باللّغة، والسَّراج بن الملقّن بكثرة التصانيف.

وقد منَّ الله عليّ فتفرَّدت على رأس هذه المائة بهذه الخمسة أجمع، وما أحسن ما أخرجه أبو نعيم في الحلية عن أبي يزيد البسطامي أنَّه قيل له: هل أنت من الأبدال السبعة الذين هم أوتاد الأرض؟ فقال: أنا كلّ السَّبعة.

[* فائدة]

نظير ما نحن فيه، ما أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره وابن عساكر في تاريخ دمشق عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: ما كان منذ (٢) كانت الدنيا رأس مائة سنة إلَّا كان عند رأس المائة أمر.

قلت: والذي فهمته من هذا الأثر مع ذاك الحديث، أنَّه لا بدّ عند رأس كلّ مائة سنة من محنة شديدة فيقرنها الله بمنحة عظيمة، وهو الذي يبعثه الله لتجديد الدّين وإحيائه، رحمة منه لعباده وجبرًا لما حصل من الوهن بتلك المحنة، ولذلك أدخل أبو داود الحديث في كتاب الملاحم إشارة إلى ذلك، وأنَّه إذا وقعت فتنة جبرها الله بمن يجدّد الدِّين، كما ورد في الحديث أنَّ لله عند كلّ بدعة كيد بها الإسلام وليًّا من أوليائه يذبّ عن دينه، ولذلك لمَّا كان في آخر المئين أعظم المحن والفتن وهو خروج الدَّجال، كانت المحنة (٣) المقابلة له بنزول عيسى أعظم من كلّ ما جاء في


(١) في أ: "انفرد".
(٢) في أيمكن قراءتها: "مذ" وفي ب: غير واضحة.
(٣) كذا بالنسخ الثلاث. ولعله: "منحة".

<<  <  ج: ص:  >  >>