الأشعريّة: ما ذكر العراقي من أنَّ على رأس المائة الثامنة المهدي أو عيسى ابن مريم لاقتراب الساعة لم يصحّ، فنحن الآن في سنة ثلاثين وثمانمائة ولم يقع شيء من ذلك، وقد ذكر جماعة أنَّ المبعوث على رأس المائة الثامنة سراج الدّين البلقيني، جزم به شمس الدّين بن الجزري في مشيخته وغيره، ويحتمل أنَّه الشيخ زين الدّين العراقي وكان حافظ عصره في الحديث (١) مع الدّيانة والأمانة والتصانيف النافعة، ويحتمل كلاهما، فإنَّ المجدّد قد يكون واحدًا أو أكثر.
قال: واعلم أنَّ المجدّد إنَّما هو لغلبة الظنّ ممَّن عاصره من العلماء، بقرائن أحواله والانتفاع بعلمه، ولا يكون المجدّد إلًا عالمًا بالعلوم الدينية الظاهرة والباطنة، ناصرًا للسنة قامعًا للبدعة، ثمَّ قد يكون واحدًا في العالم كلّه كعمر بن عبد العزيز لانفراده بالخلافة، وكالإمام الشافعي لإجماع المحقّقين على أنَّه أعلم زمانه، وقد يكون اثنين وجماعة إن لم يتحصّل الإجماع على واحد بعينه. قال: ثمَّ قد يكون في أثناء المائة من هو أفضل من المجدّد على رأسها، كذا رأيته لبعض المتأخِّرين، وإنَّما كان التجديد على رأس كلّ مائة لانخرام علماء المائة غالبًا، واندراس السنن وظهور البدع، فيحتاج حينئذٍ إلى تجديد الدّين، فيأتي الله من الخلف بعوض من السَّلف، وعلى هذا المعنى ينزّل "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ما أقاموا الدّين، لا يضرّهم من خذلهم" الحديث. ولمَّا عيَّن الإمام أحمد في المائتين الأولتين عمر بن عبد العزيز والشافعي، تجاسر من بعده على تعيين من ذكرناه، وإنَّما عيّن من ذكر على رأس كلّ مائة بالظن ممّن عاصره وحصول الانتفاع به وبأصحابه وبمصنَّفاته. قال: ويحتمل أن يبقى تاسع على رأس المائة التاسعة التي نحن فيها ويكون المهدي أو عيسى ابن مريم في المائة العاشرة عند تمام الدور والعدد العربي. انتهى كلام ابن الأهدل.
قلت: وقد منَّ الله تعالى عليّ فجعلني على رأس هذه المائة التَّاسعة،