للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إنّ الزمان قد استدار) إلى آخره قال الخطّابي: معناه أن العرب في الجاهلية كانت قد بدّلت أشهر الحرم وقدّمت وأخّرت أوقاتها من أجل النّسيء الذي كانوا يفعلونه، وهو تأخير رجب إلى شعبان والمحرّم إلى صفر، واستمرّ ذلك بهم حتّى اختلط عليهم وخرج حسابه من أيديهم، فكانوا ربّما يحجّون في بعض السّنين في شهر ويحجّون من قابل في شهر غيره، إلى أن كان العام الذي حجّ فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصادف حجّهم شهر الحجّ المشروع وهو ذو الحجة، فوقف بعرفة اليوم التاسع منه ثمّ خطبهم، فأعلمهم أنّ أشهر النّسيء قد تناسخت باستدارة الزمان وعاد الأمر إلى الأصل الذي وضع الله حساب الأشهر عليه يوم خلق السماوات والأرض، وأمرهم بالمحافظة عليه لئلًا يتغير أو يتبدّل فيما يستأنف من الأيام.

قال: قوله: (ورجب مضر) إنّما أضاف الشهر إلى مضر لأنّها كانت تشدّد في تحريم رجب وتحافظ على ذلك أشدّ من محافظة سائر قبائل العرب.

وقوله: (الذي بين جمادى وشعبان) يحتمل أن يكون ذلك على معنى توكيد البيان، ويحتمل أنّه قال ذلك من أجل أنّهم كانوا نسؤوا رجبًا وحوّلوه عن موضعه وسمّوا به بعض الشهور، فبين لهم أنّ رجب هو الشهر الذي بين جمادى وشعبان لا ما كانوا يسمّونه رجبًا على حساب النّسيء.

* * *

[باب من لم يدرك عرفة]

<<  <  ج: ص:  >  >>