صريح الكذب، فإنَّه لا يحلّ بحال، وإنَّما المباح من ذلك ما كان على سبيل التورية، وقد جاء عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنَّه كان إذا أراد سفرًا ورّى بغيره، كما يقول القائل إذا أراد أن يلبّس الوجه الذي يقصده على غيره: الطريق الآخر أسهل هو أم وعر؟ ويسأله عن عدد منازله ليظنّ من سمع أنَّه يريده، وهو يريد غيره، وهكذا الإصلاح بين الزوجين لم يبح فيه صريح الكذب ولكن التعريض، كالمرأة تشكو أنَّ زوجها يبغضها ولا يحسن إليها، فيقول لها لا تقولي ذلك دمن له غيرك، وإذا لم يحبك فمن يحب، وإذا لم يحسن إليك فلمن يحسن إحسانه ونحو ذلك، ممّا يوهمها أنّ زوجها بخلاف ما تظنّه، وإن كانت صادقة في ظنِّها، ليصلح بذلك ما بينهما، وعلى هذا القياس يقول في الإصلاح بين الأجنبيين، وقول إبراهيم: {إِنِّي سَقِيمٌ (٨٩)} أراد به سأسقم، وقوله لسارة:"أختي" أراد به في الدّين لا في النسب، وقوله:{قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} مقيد بقوله: {إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ}، وإنَّما سمِّيت هذه الألفاظ كذبًا لأنَّها أوهمت الكذب، وإن كانت بأنفسها غير كذب. انتهى.
***
[باب كراهية الغناء والزّمر]
عن سليمان بن موسى عن نافع قال: سمع ابن عمر مزمارًا