للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قال أبو داود: رواه ابن جريج عن القاسم بن زيد عن علي) قال السبكي: هذه الرّواية معلّقة منقطعة، وقد رواها (١) ابن ماجه قال: ثنا محمد بن بشار ثنا روح بن عبادة ثنا ابن جريج أخبرني القاسم بن يزيد عن علي أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يرفع القلم عن الصغير وعن المجنون وعن النائم"، وهذا منقطع لأنّ القاسم بن يزيد لم يدرك عليا. (زاد فيه: والخرف) قال السبكي: يقتضي أنَّه زائد على الثلاثة، وهذا صحيح، والمراد به الشيخ الكبير الذي زال عقله من الكبر، فإن الشيخ الكبير قد يعرض له اختلاط عقل يمنعه من التمييز ويخرجه عن أهلية التكليف ولا يسمّى جنونًا، فإنّ الجنون يعرض من أمراض سوداوية وتقبل العلاج، والخرف بخلاف ذلك، ولهذا لم يقل في الحديث حتى يعقل، لأنّ الغالب أنّه لا يبرأ منه إلى الموت، ولو برأ في بعض الأوقات برجوع عقله تعلّق به التكليف، فسكوته عن الغاية فيه لا يضرّ كما سكت عنها في بعض الرّوايات في المجنون، وهذا الحديث وإن كان منقطعًا (٢) لكنّه في معنى المجنون، كما أنّ المغمى عليه في معنى النائم ولا يفوت الحصر بذلك إذا نظرنا إلى المعنى، فهم في الصورة خمسة: الصبي، والنائم، والمغمى عليه، والمجنون، و (الخرف) (٣)، وفي المعنى ثلاثة، ولمّا لم يكن النائم في معنى المجنون، لأنّ الجنون يفسد العقل بالكليّة، والنوم شاغل له فقط، فبينهما تباين كثير، لم يجعل في معناه، وعُدّا شيئين وأحكامهما مختلفة، بخلاف الخرف والجنون فإن أحكامهما واحدة وبينهما تقارب، ويظهر أن الخرف رتبة متوسطة بين الإغماء والجنون، وهي إلى الإغماء أقرب.

* * *


(١) في ج: "رواه".
(٢) في أ: "معلّقا".
(٣) غير موجود في ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>