للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وسمعت الشيخ أبا العباس أحمد بن عطاء يذكر في مجلسه في الوعظ تأويلًا آخر يقول: إنْ النبي - صلى الله عليه وسلم - له تجليات يرى فيها من بعده، فيكون هذا الكلام منه على في تلك التجليات خطابًا لمن بعده في حق جميع الصحابة الذين قبل الفتح وبعده، وهذه طريقة صوفية، وهو كان متكلّم الصوفية على طريقة الشاذلية، فإن ثبت ما قاله، فالحديث شامل (لجميع) (١) الصحابة، وإلّا فهو في حق المتقدّمين قبل الفتح، ويدخل من بعدهم في حكمهم، فإنهم بالنسبة إلى من بعدهم كالذين من قبلهم بالنسبة إليهم. انتهى كلام السبكي.

وقال الحافظ ابن حجر: في الحديث إشعار بأن المراد بقوله: "أصحابي"، أصحاب مخصوصون، وإلا فالخطاب كان للصحابة، وقد قال: "لو أنّ أحدكم أنفق"، وهذا كقوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ} الآية، ومع ذلك فنهي بعض من أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - وخاطبه بذلك عن سبّ من سبقه، يقتضي زجر من لم يدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يخاطبه، عن سبّ من سبقه من باب أولى.

قال: وغفل من قال إن الخطاب بذلك لغير الصحابة، وإنما المراد من سيوجد من المسلمين المفروضين في العقل تنزيلًا لمن سيوجد منزلة الموجود للقطع بوقوعه، قال: ووجه التعقب عليه، وقوع التصريح في نفس الخبر في بعض طرقه بأن المخاطَب بذلك خالد بن الوليد حين كان بينه وبين عبد الرحمن بن عوف شيء، فسبّه خالد، وهو من الصحابة الموجودين إذ ذاك بالاتفاق. انتهى.

وقال الشيخ جلال الدين المحلي في شرح جمع الجوامع: الخطاب للصحابة السابّين، نزّلهم لسبّهم الذي لا يليق بهم منزلة غيرهم، حيث عقل بما ذكره.

(فوالذى نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبًا) زاد البرقاني (٢) في


(١) في ج: "في حق جميع".
(٢) في أيظهر رسمه: "الرماني".

<<  <  ج: ص:  >  >>