للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعدّدها حتى انتهى بها في زعمه إلى ذلك العدد، ولا يصح له ذلك لأنّه يمكن الزيادة على ما ذكر والنقصان منه ببيان (١) التداخل، والتصحيح ما صار إليه أبو سليمان الخطابي وغيره أنّها منحصرة في علم الله وعلم رسوله، وموجودة في الشريعة مفصّلة فيها، غير أن الشرع لم يوقفنا على أشخاص تلك الأبواب، ولا عيّن لها عددًا، ولا كيفية انقسامها، وذلك لا يضرّنا في علمنا بتفاصيل ما كلفنا به من شريعتنا ولا في علمنا، إذ كل ذلك مفصّل مبيّن في جملة الشريعة فما أمرنا بالعمل به عملنا به، وما نهينا عنه انتهينا وإن لم نحط بحصر أعداد ذلك. انتهى.

(وأدناها) قال الطيبي: أي: أقربها منزلة، وأدونها مقدارًا، من الدنوّ بمعنى القرب (إماطة الأذى (٢) عن الطريق) قال في النهاية: هو ما يؤدي فيها، كالشوك والحجر والنجاسة ونحوها.

(والحياء شعبة من الإيمان) قال الخطّابي: معناه أن الحياء يقطع صاحبه عن المعاصي، ويحجزه عنها، فصار بذلك من الإيمان, إذ الإيمان بمجموعه ينقسم إلى ائتمار لما أمر الله به وانتهاء عمّا نهى عنه.

وقال الشيخ عزّ الدّين بن عبد السلام: كيف يكون الحياء من الإيمان مع أنّه جِبِلة في الطبع، والإيمان أمر آخر مكتسب لا ينشأ عنه الحياء، إذ ما هو جبليّ لا يفتقر إلى سبب آخر؟ قال: والجواب أنّ الإيمان مستلزم لمعرفة المؤمن ربّه، ومعرفته الله تعالى حاثَّة على كل خير، إذ هي شجرة الأحوال وثمرة الأفعال، وكذلك الحياء، وإن كان سجية، فإنّه يمنع من المخالفات، ويحثّ على الطاعات حياءً من الله، فشارك الإيمان في كونه منشأ البركات، فصار الحثّ على الخير جنسًا لهما، وصار معنى الكلام الحياء من جنس الإيمان.


(١) في ج: "يثبتان".
(٢) في سنن أبي داود المطبوع: "العظم".

<<  <  ج: ص:  >  >>