للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الأرواح جنود مجنّدة) قال في النّهاية: أي مجموعة، كما يقال: ألوف مؤلفة، وقناطير مقنطرة.

(فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف) قال الخطّابي ثمّ ابن الأثير: معناه الإخبار عن مبدأ كون الأرواح وتقدّمها الأجساد التي هي ملابستها، على ما روي أنّ الله خلق الأرواح قبل الأجساد بكذا وكذا عامًا، فأعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّها خلقت أوّل ما خلقت على قسمين من ائتلاف واختلاف، كالجنود المجنّدة إذا تقابلت وتواجهت، ومعنى تقابل الأرواح ما جعلها الله عليه من السّعادة والشّقاوة في مبدأ الخلق، يقول - صلى الله عليه وسلم - إنّ الأجساد التي فيها الأرواح تلتقي في الدنيا فتأتلف وتختلف (١) على حسب ما جعلت عليه من التشاكل والتنافر في مبدأ (٢) الخلقة، ولذلك ترى البَرّ الخَيّر يحبّ شكله ويحن إلى قرنه، وينفر عن ضدّه، وكذلك الرَّهِق الفاجر يألف شكله ويستحسن فعله وينحرف عن ضدّه.

وقال الشيخ عزّ الدّين بن عبد السلام: المراد بالتعارف والتناكر، التقارب في الصفات والتفاوت، لأنّ الشخص إذا خالفتك صفاته أنكرته، والمجهول ينكر (٣) لعدم العرفان، فهذا من مجاز التشبيه، شبه المنكر بالمجهول، والملائم بالمعلوم.

***


(١) في ب: "وتأتلف فتختلف".
(٢) في ب: "بدء".
(٣) في أ: "منكر".

<<  <  ج: ص:  >  >>