للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وتشميت العاطس) قال الخليل وأبو عبيد وغيرهما: يقال: بالمعجمة والمهملة، والمعجمة أعلا أكثر، وقال ابن الأنباري: كلّ داع بالخير مشمَّت بالمعجمة والمهملة، والعرب تجعل السّين والشين في اللفظ الواحد بمعنى.

وقد ألّف المجد الشيرازي صاحب القاموس تحبير الموشين فيما يقال بالسين والشين (١).

وقال القزّاز (٢): التسميت بالمهملة التبريك، يقال: سمته إذا دعا له بالبركة، وبالمعجمة من شمَّت الإبل في المرعى إذا جمعت، فمعنى شمّته دعا له أن يجمع شمله، وقيل: هو من الشماتة وهو فرح الشخص بما يسوء عدوَّه، فكأنَّه دعا له أنّ لا يكون في حال من يشمّت به، أو أنَّه إذا حمد الله أدخل على الشيطان ما يسوءه فشمّت هو بالشيطان، وقيل: هو من الشَّوامت جمع شامتة وهي القائمة، يقال: لا ترك الله له شامتة، أي: قائمة.

وقال ابن العربي: تكلّم أهل اللّغة على اشتقاق اللَّفظين، ولم يبيّنوا المعنى فيه وهو بديع، وذلك أن العاطس ينحلّ كلّ عضو في رأسه وما يتصل به من العنق (٣) ونحوه، فكأنَّه إذا قيل له يرحمك الله كان معناه أعطاك الله رحمة يرجع بها بذلك إلى حالة قبل العطاس ويقيم على حاله من غير تغيير، فإن كانت التسميت بالمهملة، فمعناه رجع كلّ عضو إلى سمته الذي كان عليه، وإن كان بالمعجمة فمعناه أصان الله شوامته أي قوائمه التي بها قوام بدنه عن خروجها عن الاعتدال، قال: وشوامت كلّ شيء قوائمه التي بها قوامه، فقوام الدابة بسلامة قوائمها التي ينتفع بها إذا سلمت، وقوام الآدمي بسلامة قوائمه التي بها قوامه وهو رأسه وما يتّصل به من عنق وصدر. انتهى.

***


(١) قمتُ بتحقيقه ونشرته ضمن مجموع بعنوان: "قطوف لغوية من خزانة مخطوطات المكتبة الوطنية الجزائرية": ط: دار الكتب العلمية ٢٠٠٩ م.
(٢) في ج تظهر: "الفراء".
(٣) في ج: "المضيق".

<<  <  ج: ص:  >  >>