للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحافظ زين الدّين العراقي في شرح الترمذي في معنى الحديث: قيل يعمي عن عيوب المحبوبين (١)، وقيل عن كلّ شيء سوى المحبوب.

وقال الحافظ صلاح الدّين العلائي: هذا الحديث ضعيف لا ينتهي إلى درجة الحسن أصلًا ولا يقال فيه موضوع، وقال الحافظ المنذري: روي موقوفًا على أبي الدرداء، وقيل: إنّه أشبه بالصّواب، وروي من حديث معاوية بن أبي سفيان ولا يثبت، قال: وسئل ثعلب عن معناه فقال: تعمى العين عن النظر إلى مساوئه، وتصمّ الأذن عن استماع العذل فيه وأنشد:

وكذبت طرفي فيك والطرف صادق ... وأسمعت أذني فيك ما ليس تسمع

وقال غيره: يعمي ويصمّ عن الآخرة، وفائدته النهي عن حبّ ما لا ينبغي الإعراق في حبّه. انتهى.

وقال البيهقي في شعب الإيمان بعد أن أخرج هذا الحديث: قد روي هذا الحديث موقوفًا على أبي الدّرداء وهو في تاريخ البخاري، قال الحليمي: قد يفهم من هذا أنّ من أحبّ الله تعالى لم يعدّ المصائب التي يقضيها عليه إساءة منه إليه، ولم يستثقل وظائف عبادته وتكاليفه المكتوبة عليه، كما أنّ من أحبّ أحدًا من جنسه لم يكد يبصر منه إلَّا ما يستحسنه ويزيده إعجابًا به، ولا يصدّق من خبر المخبرين عنه إلَّا ما يتخذه سببًا للولوع والغلوّ في محبّته. قال البيهقي: وسئل علي بن عبد الرحمن عن الفرق بين الحبّ والعشق، فقال: الحبّ لذّة تعمي عن رؤية غير المحبوب فإذا تناها سمّي عشقًا، وهو قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "حبّك الشيء يعمي ويصمّ".


(١) في ب: "المحبوب".

<<  <  ج: ص:  >  >>