للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"يعني من سدر الحرم"، قال في النهاية: سئل أبو داود السّجستاني عن هذا الحديث فقال: هو حديث مختصر، ومعناه من قطع سدرة في فَلاة يستظلّ بها ابن السبيل عَبثًا وظُلمًا بغير حقّ يكون له فيها، صوّب الله رأسه أي نكسه. وقيل أراد به سدر مكة لأنّها حرم، وقيل سدر المدينة، نهى عن قطعه ليكون أنسًا وظلًّا لمن يهاجر إليها، وقال البيهقي في سننه: قال أبو ثور. سألت أبا عبد الله الشافعي عن قطع السدر فقال: لا بأس به، قد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "اغسلوه بماء وسدر"، قال البيهقي: فيكون محمولًا على ما حمله عليه أبو داود، قال: وروينا عن عروة أنَّه كان يقطعه من أرضه، وهو أحد روّاة النهي، فيشبه أن يكون النهي خاصًّا كما قال أبو داود، قال: وقرأت في كتاب أبي سليمان الخطّابي أنّ المزني سئل عن هذا فقال: وجهه أن يكون - صلى الله عليه وسلم - سُئل عمّن هجم على قطع سِدر لقوم أو ليتيم أو لمن حرّم الله أن يقطع عليه، فتحامل عليه بقطعه فاستحقّ ما قاله، فتكون المسألة سبقت السّامع فسمع الجواب ولم يسمع المسألة، وجعل نظيره حديث أسامة أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنّما الرّبا في النسيئة"، وقد قال: "لا تبيعوا الذهب بالذهب إلَّا مثلًا بمثل". واحتجّ المزني بما احتجّ به الشافعي من إجازة النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يغسلى الميت بالسّدر، ولو كان حرامًا لم يجز الانتفاع به، قال: والورق من السدر كالغصن، وقد سوّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما حرّم قطعه من شجر (١) الحرم بين ورقه وغيره، فلمّا لم يمنع من ورق السدر دلّ على جواز قطع السدر. انتهى.

(عن عثمان بن أبي سلمة (٢) عن رجل من ثقيف) قال البيهقي: يشبه


(١) في أ: "شجرة".
(٢) في سنن أبي داود المطبوع: "بن أبي سليمان".

<<  <  ج: ص:  >  >>