للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إنّ أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة) قال العراقي في شرح الترمذي: لا تعارض بينه وبين حديث (الصحيح) (١): "إنَّ أول ما يقضى بين النَّاس يوم القيامة في الدّماء"، فحديث الباب محمول على حقّ الله على العبد، وحديث الصحيح محمول على حقوق الآدميين فيما بينهم. فإن قيل: فأيّهما يقدّم، محاسبة العباد على حقّ الله تعالى، أو محاسبتهم على حقوقهم؟ فالجواب: إنّ هذا الأمر توقيفي وظاهر الأحاديث دالّة على أنّ الذي يقع أوّلًا المحاسبة على حقوق الله تعالى قبل حقوق العباد.

(وإن كان انتقص منها شيئًا قال انظروا هل لعبدي من تطوّع) إلى آخره قال العراقي في شرح الترمذي: هذا الذي ورد من إكمال ما ينقص العبد من الفريضة بما له من التطوع، يحتمل أن يراد به ما (انتقصه) (٢) من السنن والهيئات المشروعة المرغّب فيها، من الخشوع والأذكار والأدعية، و (أنَّه) (٣) يحصل له ثواب ذلك في الفريضة وإن لم يفعله في الفريضة وإنّما فعله في التطوّع، ويحتمل أن يراد به ما انتقص أيضًا من فروضها وشروطها، ويحتمل أن يراد ما ترك من الفرائض رأسًا فلم يصلّه، فيعوّض عنه من التطوّع، والله تعالى يقبل من التطوّعات الصحيحة عوضًا عن الصلوات المفروضة، ولله سبحانه أن يفعل ما يشاء، فله الفضل والمنّ، بل له أن يسامحه وإن لم يصل شيئًا لا فريضة ولا نفلًا.

قال القاضي أبو بكر بن العربي: الأظهر عندي أنَّه يكمل له ما نقص من فرض الصلاة وأعدادها (بفعل) (٤) التطوّع لقوله: "ثمّ الزكاة كذلك وسائر الأعمال"، وليس في الزكاة إلَّا فرض أو نفل، فكما يكمل فرض الزكاة بنفلها، كذلك الصّلاة، وفضل الله أوسع وكرمه أعمّ وأتمّ.


(١) غير موجود في ب.
(٢) في ب: "انتقص".
(٣) في أ: "أن".
(٤) في أ: "بفضل".

<<  <  ج: ص:  >  >>