للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(اللهم اجعل في قلبي نورًا) الحديث، قال الشيخ عزّ الدّين بن عبد السلام: ليس المراد هنا حقيقة النّور الذي يبهر الأبصار، ولكنّه يعبّر بالنور عن المعارف، وبالظّلمات عن الجهل وذلك من مجاز (١) التشبيه، لأنّ المعارف والإيمان تنشط النفوس (وتذهب عنها الغمّ) (٢)، (وتستبشر بالنّجاة) (٣) من المعاطب تشبيهًا كما يتفق لها ذلك في النّور الحقيقي، وكذلك تغتمّ بالجهالات وتنقبض ويستشعر (الهلاك) (٤) تشبيها كما يتّفق لها ذلك في الظلمات، فلمّا تشابها عبّر بأحدهما عن الآخر. إلّا أنّ هذا يصحّ جوابًا عن نور القلب، وأمّا سائر ما ذكر في الحديث فليس كذلك، لأنّ المعارف مختصّة بالقلب إلّا أن ما عدا القلب ممّا (٥) ذكر في الحديث تتعلّق به التكاليف، أمّا العصب والشعر والدّم فمن جهة الغذاء، وأمّا اللسان فمن جهة الكلام، والبصر من جهة النّظر، وكذلك ينظر في سائرها، ويثبت له من التكاليف ما يناسبه، واذا تقرّر ذلك، فاعلم أنّ التكاليف فرع عن العلم بالله والإيمان به، واذا كانت مسببة عن الإيمان والمعارف الذي هو النور


(١) في ج: "مرجّحات".
(٢) في ب: "ويذهب عنها الغمّ بها".
(٣) في ب: "ويستبشر النّجاة".
(٤) في ب: "البلاء".
(٥) في ج: "بما".

<<  <  ج: ص:  >  >>