(من نظر في كتاب أخيه بغير إذنه فإنّما ينظر في النار) قال الخطّابي: هو تمثيل، يقول كما يحذر النّار فليحذر هذا الصنيع، إذ كان معلومًا أن النظر إلى النار والتحديق إليها يضرّ بالبصر، ويحتمل أن يكون أراد بالنّظر إليها الدنوّ منها والصّلي بها، لأن النظر إلى الشيء إنّما يتحقق عند قرب المسافة والدنوّ منه، ويجوز أن يكون معناه كأنّما ينظر إلى ما يوجب النّار، فأضمره في الكلام. وزعم بعضهم أنّه إنّما أراد به الكتاب الذي فيه أمانة أو سرّ يكره صاحبه أن يطّلع عليه أحد، دون الكتب التي فيها علم فإنّه لا يحلّ منعه ولا يجوز كتمانه، وقيل إنّه عامّ في كلّ كتاب لأن صاحب الشيء أولى بماله وأحقّ بمنفعة ملكه، وإنّما يأثم بكتمان العلم الذي يسأل عنه، فأمّا أن يأثم في منعه كتابًا عنده وحبسه عن غيره فلا وجه له.