للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(نهى (١) أن تكسر سكّة المسلمين الجائزة بينهم إلّا من بأس).

قال في النّهاية: يعني الدراهم والدنانير المضروبة، سمّى كلّ واحد منها سكّة لأنّه طبع بسكّة الحديد، أي لا تكسر إلّا من أمر يقتضي كسرها، إمّا لرداءتها أو شكّ في صحّة نقدها، وكره ذلك لما فيها من اسم الله تعالى، وقيل: لأنّ فيه إضاعة المال، وقيل إنّما نهى عن كسرها على أن تعاد تِبْرًا فأمّا للنّفقة (٢) فلا، وقيل: كانت المعاملة بها في صدر الإسلام عددًا لا وزنًا وكان بعضهم يقصّ أطرافها فنهوا (عنه) (٣).

وقال الخطّابي: بلغني عن أبي العباس بن سريج أنّه قال: كانوا يقرضون الدراهم ويأخذون أطرافها فنهوا عن ذلك، وعن أبي داود قال: سألت أحمد بن حنبل يحضرني سائل معي درهم صحيح فأكسره له؟ قال: لا.

وزعم بعض أهل العلم أنّه إنّما كره قطعها وكسرها من أجل التدنيق، وقال الحسن: لعن الله الدانق وأوّل من أحدث الدانق.

وقال البيهقي في شعب الايمان: قال الحليمي: وجه النهي عن الكسر أنّه كتمزيق الورقة التي فيها ذكر الله وذكر رسوله إذ كانت الحروف تتقطع والكلم تتفرّق، وفي ذلك إزراء بقدر المكتوب، والباس أن يكون زائفًا فيكسر لئلّا يغترّ به مسلم، ومتى كسر (لعذر) (٤) فإنّما إثم الكسر على ضاربه لأنّه هو الذي غرّ ودلّس فأحوج إلى الكسر لإظهار ما لبّس. انتهى. وقال عبد الغافر الفارسي في مجمع الغرائب: يجوز أن يقال كره ذلك لأنّه يكسر فيتّخذ منه أواني (تستعمل) (٥).


(١) في سنن أبي داود المطبوع: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".
(٢) في أ: "المنفعة".
(٣) في أ: "عن ذلك".
(٤) في أ: "تعذر".
(٥) في ب: "فتستعمل".

<<  <  ج: ص:  >  >>