للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النهاية: يقال هنأني الطعام ومرأني إذا لم يثقل على المعدة وانحدر عنها طيّبًا.

قال: وقوله: "أبرأ"، أي: يبرئه من ألم العطش (أو) (١) أراد أنّه لا يكون منه مرض.

وقال علاء الدّين بن طرخان (٢) الحموي في الطبّ النبوي: قوله: "أمرأ"، أي: أسرع انحدارًا عن المريء وعلى المعدة، وقيل: إنّه يمرىء البدن وينميه، وفي رواية مسلم: "أنّه أروى" بدل: "أهنأ". وقال ابن القيم في الهدي: الشراب في لسان الشّارع وحملة الشّرع هو الماء، ومعنى تنفّسه في الشراب، إبانة القدح عن فِيه وتنفّسه خارجه ثمّ يعود إلى الشراب، وقوله: إنّه أروى، أي: أشدّ ريًّا وأبلغه وأنفعه، وأبرأ أفعل من البرء، وهو الشّفاء، أي: يبرئ من شدّة العطش ودائه لتردّده على المعدة الملتهبة دفعات فتسكن الدفعة الثانية ما عجزت الأولى عن تسكينه، والثالثة ما عجزت الثانية عنه، وأيضًا فإنّه أسلم لحرارة المعدة وأبقى عليها من هجوم البارد عليها وهلة واحدة، وأيضًا فإنّه لا يروي لمصادفته لحرارة العطش لحظة ثمّ يقلع عنها ولم يكسر سورتها وحدّتها، وإن كسرها لم تبطل بالكليّة، بخلاف كسرها على التمهّل والتدريج، وأيضًا فإنّه أسلم عاقبة وأأمن غائلة من تناول جميع ما يروي دفعة واحدة فإنّه يخاف منه أن يطفأ الحرارة الغريزية بشدّة برده وكثرة كمّيته أو يضعفها، فيؤدّي ذلك إلى فساد مزاج المعدة والكبد وإلى أمراض رديّة، خصوصًا في سكّان البلاد الحارّة أو في الأزمنة الحارّة، ومن آفات الشرب مرّة (٣) واحدة، أنّه يخاف منه الشّرق بأن يفسد (٤) مجرى الشراب لكثرة الوارد عليه، فإذا تنفّس رويدًا أمن ذلك، ومن فوائده أنّ الشارب إذا شرب أوّل مرّة تصاعد البخار الدّخاني الذي كان على القلب


(١) في ب: "إذ".
(٢) في ج: "طوخان".
(٣) في ب: "هبة"، وفي ج يمكن قراءتها: "بهيئة". وفي زاد المعاد في هدي خير العباد لابن القيم ٤/ ٢٣١: "وهلة".
(٤) في أ: "يشدّ".

<<  <  ج: ص:  >  >>