للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قال الله تعالى: الكبرياء ردائي والعظمة إزاري، فمن نازعني واحدًا (١) منهما قذفته في النار) قال الخطّابي: معناه أن الكبرياء والعظمة صفتان لله سبحانه اختصّ بهما لا يشركه أحد فيهما، ولا ينبغي لمخلوق أن يتعاطاهما لأنّ صفة المخلوق التواضع والتذلّل، وضرب الرّداء والإزار مثلًا في ذلك، يقول، والله أعلم، كما لا يشرك الإنسان الإنسان في ردائه وإزاره أحد، فكذلك لا يشركني في الكبرياء والعظمة مخلوق.

وقال في النهاية: ضرب الإزار والرّداء مثلًا في انفراده بصفة العظمة والكبرياء ليستا كسائر الصفات التي قد يتّصف بها الخلق مجازًا كالرحمة والكرم وغيرهما، وشبّهما بالإزار والرّداء لأنّ المتّصف بهما يشملانه كما يشمل الرّداء الإنسان، ولأنّه لا يشاركه في ردائه وإزاره أحد، فكذلك الله لا يشركه فيهما أحد.

(لا يدخل الجنّة من كان في قلبه مثقال (حبّة من خردل) (٢) من كبر) قال الخطّابي: هذا يتأوّل على وجهين؛ أحدهما: أن يكون أراد به كبر الكفر والشرك، ألا ترى أنّه قابله في نقيضه بالإيمان فقال: (ولا يدخل النار من كان في قلبه مثقال (حبّة) (٣) (خردل) (٤) من إيمان) أي: دخول تخليد وتأبيد. والوجه الآخر: أنّ الله تعالى إذا أراد أن يدخله الجنّة نزع ما في قلبه


(١) في ب: "في واحد".
(٢) في ب: "ذرّة".
(٣) غير موجود في سنن أبي داود المطبوع.
(٤) في ب: "من خردل".

<<  <  ج: ص:  >  >>