للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِصَابَةُ وَهِيَ تُنْبِئُ عَنْ التَّخْفِيفِ.

هَذَا وَفِي التَّلْوِيحِ وَمَبْنَى هَذَا الْكَلَامِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِعَدَمِ سُنِّيَّةِ التَّثْلِيثِ كَرَاهَتَهُ لِئَلَّا يَكُونَ حُكْمًا شَرْعِيًّا فَيُعَلَّلَ وَهَذَا ثَانِي الطُّرُقِ الدَّافِعَةِ لِلنَّقْضِ مَعَ مِثَالِهِ (وَيُمْنَعُ التَّخَلُّفُ) لِلْحُكْمِ عَنْ الْعِلَّةِ فِي صُورَةِ النَّقْضِ وَالْقَوْلُ بِتَحَقُّقِ الْحُكْمِ فِيهَا (كَمَا إذَا نُقِضَ) الْمِثَالُ (الْأَوَّلُ) لِإِبْدَاءِ عَدَمِ الْوَصْفِ (بِالْجُرْحِ السَّائِلِ) فَإِنَّ خُرُوجَ النَّجَاسَةِ مَوْجُودٌ فِيهِ بِدُونِ الْحَدَثِ (فَيُمْنَعُ كَوْنُهُ) أَيْ خُرُوجِ النَّجَاسَةِ فِيهِ (لَيْسَ حَدَثًا بَلْ هُوَ) حَدَثٌ (وَتَأَخَّرَ حُكْمُهُ) الَّذِي هُوَ الْحَدَثُ (إلَى مَا بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ) عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُوَافِقِهِ (أَوْ الْفَرَاغِ) مِنْ الْمَكْتُوبَةِ وَمَا يَتْبَعُهَا مِنْ النَّوَافِلِ عَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِهِ (ضَرُورَةَ الْأَدَاءِ) لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِأَدَائِهَا فَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا وَلَا قُدْرَةَ إلَّا بِسُقُوطِ حُكْمِ الْحَدَثِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (وَلِذَا) أَيْ تَأَخَّرَ حُكْمُهُ إلَى مَا بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ (لَمْ يَجُزْ مَسْحُهُ) أَيْ صَاحِبِ الْجُرْحِ السَّائِلِ (خُفَّهُ إذَا لَبِسَهُ فِي الْوَقْتِ مَعَ السَّيَلَانِ) أَوْ كَانَ السَّيَلَانُ مُقَارِنًا لِلْوُضُوءِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ اللُّبْسِ (بَعْدَ خُرُوجِهِ) أَيْ الْوَقْتِ لِأَنَّ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ يَصِيرُ مُحْدِثًا بِالْحَدَثِ السَّابِقِ إذْ خُرُوجُ الْوَقْتِ لَيْسَ بِحَدَثٍ إجْمَاعًا وَالْحُكْمُ قَدْ يَتَّصِلُ بِالسَّبَبِ وَقَدْ يَتَأَخَّرُ عَنْهُ لِمَانِعٍ كَالْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْوُضُوءُ وَاللُّبْسُ عَلَى الِانْقِطَاعِ فَإِنَّهُ يَمْسَحُ بَعْدَ الْوَقْتِ إلَى تَمَامِ الْمُدَّةِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَصِحَّاءِ لِعَدَمِ صَيْرُورَتِهِ مُحْدِثًا بِالْحَدَثِ السَّابِقِ عَلَيْهِمَا وَهَذَا ثَالِثُ الطُّرُقِ الدَّافِعَةِ لِلنَّقْضِ مَعَ مِثَالِهِ.

قُلْت وَبَعْدَ الْعِلْمِ بِمَعْنَى هَذَا الطَّرِيقِ مِنْ الدَّفْعِ فَمِنْ الْعَجَبِ قَوْلُ فَخْرِ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ التَّقْوِيمِ أَنَّ هَذَا الْوَجْهَ لَا يَسْلَمُ مِنْ الْقَوْلِ بِتَخْصِيصِ الْعِلَّةِ وَقَوْلُ صَاحِبِ الْكَشْفِ إنَّ هَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى قَوْلِ مُجَوِّزِ تَخْصِيصِ الْعِلَّةِ لِمَانِعٍ لَا عَلَى قَوْلِ مَنْ لَا يُجَوِّزُهُ فَإِنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْحُكْمَ لَمْ يَتَخَلَّفْ بَلْ هُوَ مَوْجُودٌ كَمَا أَنَّ الْعِلَّةَ كَذَلِكَ وَلَا تَخْصِيصَ لِلْعِلَّةِ بِدُونِ وُجُودِهَا وَانْتِفَاءِ حُكْمِهَا لِمَانِعٍ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ (وَبِالْغَرَضِ) الْمَطْلُوبِ بِالتَّعْلِيلِ (فَيَقُولُ) الْمُسْتَدِلُّ (فِي الْمِثَالِ) الْأَوَّلِ لِإِبْدَاءِ عَدَمِ الْوَصْفِ (غَرَضِي بِهَذَا التَّعْلِيلِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْخَارِجِ مِنْ السَّبِيلِ وَغَيْرِهِ فِي كَوْنِهِمَا) أَيْ الْخَارِجِ مِنْهُ وَالْخَارِجِ مِنْ غَيْرِهِ (حَدَثًا وَإِذَا لَزِمَا) أَيْ اسْتَمَرَّا (صَارَ عَفْوًا) بِأَنْ يَسْقُطَ حُكْمُهُمَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ ضَرُورَةَ تَوَجُّهِ الْخِطَابِ بِأَدَاءِ الصَّلَاةِ حِينَئِذٍ (فَإِنَّ الْبَوْلَ) الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ (كَذَلِكَ) أَيْ إذَا دَامَ يَصِيرُ عَفْوًا لِهَذَا الْمَعْنَى (فَوَجَبَ فِي الْفَرْعِ) أَيْ الْجُرْحِ السَّائِلِ (مِثْلُهُ) أَيْ إذَا دَامَ يَصِيرُ عَفْوًا لِهَذَا الْمَعْنَى وَإِلَّا لَكَانَ الْفَرْعُ مُخَالِفًا لِلْأَصْلِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْعِلَّةَ مَوْجُودَةٌ فِي الصُّورَتَيْنِ فَكَذَا الْحُكْمُ وَكَمَا أَنَّ ظُهُورَ الْحُكْمِ قَدْ يَتَأَخَّرُ فِي الْفَرْعِ فَكَذَا فِي الْأَصْلِ فَالتَّسْوِيَةُ حَاصِلَةٌ بِكُلِّ حَالٍ وَهَذَا رَابِعُ الطُّرُقِ الدَّافِعَةِ لِلنَّقْضِ مَعَ مِثَالِهِ (وَحَاصِلُ الثَّانِي الِاسْتِدْلَال عَلَى انْتِفَائِهَا) أَيْ الْعِلَّةِ (إذْ هِيَ) أَيْ الْعِلَّةُ (بِمَعْنَاهَا لَا بِمُجَرَّدِ صُورَتِهَا) وَالرَّابِعُ كَمَا فِي التَّلْوِيحِ رَاجِعٌ إلَى مَنْعِ انْتِفَاءِ الْحُكْمِ لِأَنَّ الْمُنَاقِضَ يَدَّعِي أَمْرَيْنِ ثُبُوتَ الْعِلَّةِ وَانْتِفَاءَ الْحُكْمِ فَلَا يَصِحُّ دَفْعُهُ إلَّا بِمَنْعِ أَحَدِهِمَا وَإِذَا لَمْ يَتَيَسَّرْ الدَّفْعُ لِلنَّقْضِ بِأَحَدِ هَذِهِ الطُّرُقِ فَقَدْ بَطَلَتْ.

(وَذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ مِنْ الِاعْتِرَاضَاتِ نَقْضَ الْحِكْمَةِ وَيُسَمُّونَهُ كَسْرًا وَتَقَدَّمَ) فِي الْمَرْصَدِ الثَّانِي فِي شُرُوطِ الْعِلَّةِ (الْخِلَافُ فِي قَبُولِهِ وَأَنَّ الْمُخْتَارَ) عِنْدَ الْآمِدِيِّ وَابْنِ الْحَاجِبِ (قَبُولُهُ عِنْدَ الْعِلْمِ بِرُجْحَانِ) الْحِكْمَةِ (الْمَنْقُوضَةِ) فِي مَحَلِّ النَّقْضِ عَلَى الْمَذْكُورَةِ فِي الْأَصْلِ (أَوْ مُسَاوَاتِهَا) أَيْ الْمَنْقُوضَةِ لَهَا إلَّا أَنَّ شَرْعَ حُكْمٍ آخَرَ أَلْيَقُ بِهَا فَيُسْمَعُ حِينَئِذٍ (وَحَقَّقْنَا ثَمَّةَ خِلَافَهُ) أَيْ هُوَ الْمُخْتَارُ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يُسْمَعُ وَإِنْ عَلِمَ رُجْحَانَ الْمَنْقُوضَةِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِسُكُوتِ بِكْرٍ زَانِيَةٍ اُشْتُهِرَ زِنَاهَا وَإِنْ كَانَ حَيَاؤُهَا أَكْثَرَ مِنْ حَيَاءِ بِكْرٍ لَمْ تَزْنِ (ثُمَّ مَنْعُ وُجُودِ الْعِلَّةِ هُنَا) أَيْ فِي الْكَسْرِ (عَلَى تَقْدِيرِ سَمَاعِهِ) أَيْ الْكَسْرِ (أَظْهَرُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ مَنْعِ وُجُودِهَا (فِي النَّقْضِ) لِأَنَّ قَدْرَ الْحِكْمَةِ مُتَفَاوِتٌ فَقَدْ لَا يَحْصُلُ مَا هُوَ مَنَاطُ الْحُكْمِ مِنْهُ فِي الْأَصْلِ فِي الْفَرْعِ بِخِلَافِ نَفْسِ الْوَصْفِ فَإِنَّهُ لَا يَتَفَاوَتُ وَمَنْعُ انْتِفَاءِ الْحُكْمِ هُنَا قَدْ يُدْفَعُ بِوَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّهُ لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَثْبُتَ حُكْمٌ هُوَ أَوْلَى بِالْحِكْمَةِ ثُمَّ حَيْثُ يُسْمَعُ فَالْكَلَامُ فِيهِ كَالْكَلَامِ فِي النَّقْضِ مِنْ أَنَّهُ يُجَابُ بِأَجْوِبَةٍ ثَلَاثَةٍ مِمَّا مَضَى بِمَنْعِ وُجُودِ الْمَعْنَى فِي صُورَةِ النَّقْضِ أَوَّلًا وَبِمَنْعِ عَدَمِ الْحُكْمِ فِيهَا كَيْ لَا يَتَحَقَّقَ ثَانِيًا

<<  <  ج: ص:  >  >>