للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبِإِبْدَاءِ الْمَانِعِ فِيهَا إذَا تَحَقَّقَ ثَالِثًا وَحِينَئِذٍ فَهَلْ لِلْمُعْتَرِضِ أَنْ يَدُلَّ عَلَى وُجُودِ الْمَعْنَى فِيهِ الْمَذَاهِبُ الْأَرْبَعَةُ الْمَاضِيَةُ وَعَلَى وُجُودِ الْحُكْمِ فِيهِ الْمَذَاهِبُ الثَّلَاثَةُ السَّابِقَةُ وَهَلْ يَجِبُ الِاحْتِرَازُ عَنْ الْكَسْرِ فِي مَتْنِ الِاسْتِدْلَالِ؟ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ هَذَا وَقَدَّمْنَا مُرَادَ الْإِمَامِ الرَّازِيِّ وَأَتْبَاعِهِ بِالْكَسْرِ وَمَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ فِي ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ.

(خَامِسُهَا) أَيْ الْمُنُوعِ الْمُورَدَةِ عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ (فَسَادُ الْوَضْعِ) وَهُوَ (أَخَصُّ مِنْ فَسَادِ الِاعْتِبَارِ مِنْ وَجْهٍ إذْ قَدْ يَجْتَمِعُ ثُبُوتُ اعْتِبَارِهَا) أَيْ الْعِلَّةِ (فِي نَقِيضِ الْحُكْمِ) الَّذِي هُوَ فَسَادُ الْوَضْعِ (مَعَ مُعَارَضَةِ نَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ) لِذَلِكَ الَّذِي هُوَ فَسَادُ الِاعْتِبَارِ (وَلَا يَخْفَى الْآخَرَانِ) أَيْ انْفِرَادُ ثُبُوتِ اعْتِبَارِهَا فِي نَقِيضِ الْحُكْمِ عَنْ كَوْنِ الْقِيَاسِ مُعَارَضًا بِالنَّصِّ أَوْ الْإِجْمَاعِ وَبِالْعَكْسِ وَقِيلَ فَسَادُ الِاعْتِبَارِ مِنْ جِهَةِ عَدَمِ اعْتِبَارِهِ فَقَطْ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُ الْقِيَاسِ فِي تَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ لَا لِفَسَادٍ فِي وَضْعِهِ وَتَرْكِيبِهِ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْهَيْئَةِ الْحَاصِلَةِ لِاعْتِبَارِهِ فِي تَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ لِصِحَّتِهِ بَلْ لِمُخَالَفَتِهِ النَّصَّ فَقَطْ فَعَلَى هَذَا كُلُّ فَاسِدِ الْوَضْعِ فَاسِدُ الِاعْتِبَارِ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ فَيَكُونُ فَاسِدُ الْوَضْعِ أَخَصَّ مُطْلَقًا مِنْ فَاسِدِ الِاعْتِبَارِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْآمِدِيِّ وَقِيلَ هُمَا وَاحِدٌ وَعَلَيْهِ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ (وَيُفَارِقُ) فَسَادُ الْوَضْعِ (النَّقْضَ بِتَأْثِيرِهِ) أَيْ الْوَصْفِ فِي فَسَادِ الْوَضْعِ (فِي النَّقِيضِ) فَإِنَّ الْوَصْفَ فِي فَسَادِ الْوَضْعِ هُوَ الَّذِي يُثْبِتُ النَّقِيضَ بِخِلَافِ النَّقْضِ فَإِنَّهُ لَا تَعَرُّضَ فِيهِ لِثُبُوتِهِ بِهِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ النَّقِيضُ مَعَهُ سَوَاءٌ كَانَ بِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ (وَ) يُفَارِقُ (الْقَلْبَ بِكَوْنِهِ) أَيْ الْوَصْفِ فِي فَسَادِ الْوَضْعِ يُثْبِتُ نَقِيضَ الْحُكْمِ (بِأَصْلٍ آخَرَ) وَفِي الْقَلْبِ يُثْبِتُ نَقِيضَ الْحُكْمِ بِأَصْلِ الْمُسْتَدِلِّ.

(وَ) يُفَارِقُ (الْقَدْحَ فِي الْمُنَاسَبَةِ بِمُنَاسَبَتِهِ) أَيْ الْوَصْفِ فِي فَسَادِ الْوَضْعِ (نَقِيضَهُ) أَيْ الْحُكْمِ (مِنْ حَيْثُ هُوَ كَذَلِكَ) إمَّا مُنَاسِبٌ لِنَقِيضِهِ لَا مِنْ حَيْثُ الْإِفْضَاءُ إلَى الْمَصْلَحَةِ (إذَا كَانَ) التَّنَاسُبُ (مِنْ جِهَتِهِ) أَيْ التَّنَاسُبِ لِلْحُكْمِ فَتَكُونُ مُنَاسَبَتُهُ لِنَقِيضِ الْحُكْمِ وَالْحُكْمِ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ (بِخِلَافِهِ) أَيْ مَا إذَا كَانَ التَّنَاسُبُ لِلنَّقِيضِ (مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ التَّنَاسُبِ لِلْحُكْمِ (إذَا كَانَ لَهُ) أَيْ لِلْوَصْفِ (جِهَتَانِ) يُنَاسِبُ بِإِحْدَاهُمَا الْحُكْمَ وَبِالْأُخْرَى نَقِيضَهُ (كَكَوْنِهِ) أَيْ الْمَحَلِّ (مُشْتَهًى) لِلنُّفُوسِ (يُنَاسِبُ الْإِبَاحَةَ) لِنِكَاحِهِ (لِدَفْعِ الْحَاجَةِ وَالتَّحْرِيمَ لِقَطْعِ الطَّمَعِ) فَإِنَّهُ لَا يَقْدَحُ فِي الْمُنَاسَبَةِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بُطْلَانُ الْمُنَاسَبَةِ حِينَئِذٍ لِجَوَازِ تَعْلِيلِ الضِّدَّيْنِ بِوَصْفٍ وَاحِدٍ بِشَرْطَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ إذْ عِنْدَ التَّحْقِيقِ عِلَّةُ هَذَا غَيْرُ عِلَّةِ ذَلِكَ وَقَدْ تَلَخَّصَ أَنَّ ثُبُوتَ النَّقِيضِ مَعَ الْوَصْفِ نَقْضٌ فَإِنْ زِيدَ ثُبُوتُ النَّقِيضِ بِذَلِكَ الْوَصْفِ فَفَسَادُ الْوَضْعِ وَإِنْ زِيدَ عَلَى الْفَسَادِ كَوْنُهُ بِهِ فِي أَصْلِ الْمُسْتَدِلِّ فَقَلْبٌ وَأَمَّا بِدُونِ ثُبُوتِ النَّقِيضِ مَعَ الْوَصْفِ فِي أَصْلٍ فَالْمُنَاسَبَةُ فَإِنْ نَاسَبَتْ الْحُكْمَ وَنَقِيضَهُ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ كَانَ قَدْحًا فِيهَا وَمِنْ جِهَتَيْنِ لَا (مِثَالُهُ) أَيْ فَسَادِ الْوَضْعِ قَوْلُ الْقَائِلِ فِي التَّيَمُّمِ (مَسْحٌ فَيُسَنُّ تَكْرَارُهُ كَالِاسْتِنْجَاءِ فَيُرَدُّ) أَنْ يُقَالَ الْمَسْحُ لِإِثْبَاتِ التَّكْرَارِ فَاسِدُ الْوَضْعِ إذْ الْمَسْحُ (مُعْتَبَرٌ فِي كَرَاهَتِهِ) أَيْ التَّكْرَارِ (كَالْخُفِّ) فَإِنَّ تَكْرَارَ الْمَسْحِ عَلَيْهِ يُكْرَهُ بِالْإِجْمَاعِ (وَجَوَابُهُ) أَيْ هَذَا الْمَنْعِ (بِالْمَانِعِ) أَيْ بِبَيَانِ وُجُودِ الْمَانِعِ (فِيهِ) أَيْ فِي الْخُفِّ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الْمُعْتَرِضِ أَيْ بِذِكْرِ (فَسَادِهِ) أَيْ إنَّمَا كُرِهَ التَّكْرَارُ فِي الْخُفِّ لِأَنَّهُ يُعَرِّضُهُ لِلتَّلَفِ (وَ) مِثَالُهُ (لِلْحَنَفِيَّةِ إضَافَةُ الشَّافِعِيِّ الْفُرْقَةَ) بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ الْكَافِرَيْنِ إذَا أَسْلَمَتْ وَأَبَى (إلَى إسْلَامِ الزَّوْجَةِ) فَإِنَّ هَذِهِ الْإِضَافَةَ مِنْ فَسَادِ الْوَضْعِ (فَإِنَّهُ) أَيْ الْإِسْلَامَ (اُعْتُبِرَ عَاصِمًا لِلْحُقُوقِ) كَمَا اقْتَضَاهُ حَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ السَّالِفِ فِي بَحْثِ التَّأْثِيرِ قُلْت وَهَذَا مِمَّا اجْتَمَعَ فِيهِ فَسَادُ الْوَضْعِ وَالِاعْتِبَارِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(فَالْوَجْهُ) إضَافَةُ الْفُرْقَةِ بَيْنَهُمَا (إلَى إبَائِهِ) أَيْ امْتِنَاعِهِ مِنْ الْإِسْلَامِ لِصَلَاحِيَّتِهِ لِإِضَافَةِ انْقِطَاعِ النِّكَاحِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ وَهُوَ رَأْسُ أَسْبَابِ الْعُقُوبَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ ثَمَّةَ أَيْضًا (وَكَقَوْلِهِ) أَيْ الشَّافِعِيِّ فِي عِلَّةِ تَحْرِيمِ الرِّبَا فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالْمِلْحِ أَنَّهَا الطُّعْمُ إذْ (الْمَطْعُومُ ذُو خَطَرٍ) أَيْ عِزَّةٍ وَشَرَفٍ لِتَعَلُّقِ قِوَامِ النَّفْسِ وَبَقَاءِ الشَّخْصِ بِهِ وَالْحُرْمَةُ لِلشَّيْءِ تُشْعِرُ بِتَضْيِيقِ طَرِيقِ الْوُصُولِ إلَيْهِ وَهُوَ أَمَارَةُ الْخَطَرِ لِأَنَّ مَا ضَاقَ إلَيْهِ الْوُصُولُ عَزَّ فِي الْأَعْيُنِ إذَا أُصِيبَ وَإِذَا اتَّسَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>