للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَوَابِعِ ظُهُورِهَا لِدَفْعِهِ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الدَّلِيلِ فَلَا يَجِبُ ذِكْرُهُ فِي الدَّلِيلِ قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَالْوَجْهُ لُزُومُهُ) أَيْ الْإِيمَاءِ إلَى التَّرْجِيحِ فِي الدَّلِيلِ (فِي الْعَمَلِ) أَيْ عَمَلِ الْمُنَاظِرِ (لِنَفْسِهِ) لِأَنَّهُ لَا يَتِمُّ دَلِيلًا مُوجِبًا لِلْعَمَلِ إلَّا بِشَرْطِ عَدَمِ الْمُعَارِضِ أَوْ مَرْجُوحِيَّتِهِ فَيَلْزَمُ الْإِيمَاءُ إلَى التَّرْجِيحِ فِي دَلِيلِهِ عَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِ الْمُعَارِضِ لِيَتَحَقَّقَ الشَّرْطُ الْمُوجِبُ لِلْعَمَلِ (لَا) فِي (الْمُنَاظَرَةِ) لِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ قَبْلَ إبْدَاءِ الْمُعَارَضَةِ.

(وَأَمَّا مَا ذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ مِنْ سُؤَالِ اخْتِلَافِ الضَّابِطِ) أَيْ الْوَصْفِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْحِكْمَةِ الْمَقْصُودَةِ فِي الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ وَهُوَ (أَنْ يَجْمَعَ بِمُشْتَرَكٍ بَيْنَ عِلَّتَيْنِ كَشُهُودِ الزُّورِ) إذَا شَهِدُوا عَلَى إنْسَانٍ بِقَتْلٍ عَمْدٍ عُدْوَانٍ فَقُتِلَ بِشَهَادَتِهِمْ ثُمَّ ظَهَرَ كَذِبُهُمْ بِرُجُوعِهِمْ فَيُقَالُ يُقْتَلُونَ لِأَنَّهُمْ (تَسَبَّبُوا فِي الْقَتْلِ فَيُقْتَصُّ) مِنْهُمْ (كَالْمُكْرِهِ) لِغَيْرِهِ عَلَى قَتْلٍ عَمْدٍ عُدْوَانٍ (فَيُقَالُ الضَّابِطُ) فِيهِمَا مُخْتَلِفٌ (فِي الْأَصْلِ الْإِكْرَاهُ وَفِي الْفَرْعِ الشَّهَادَةُ وَلَمْ يَثْبُتْ اعْتِبَارُ تُسَاوِيهِمَا) أَيْ الْإِكْرَاهِ وَالشَّهَادَةِ (

مَصْلَحَةً

) وَهِيَ الزَّجْرُ عَنْ التَّسَبُّبِ لِلْقَتْلِ الظُّلْمِ (شَرْعًا لِيُقْتَلَ) الشَّاهِدُ (بِالشَّهَادَةِ) فَقَدْ يَكُونُ مَا وُجِدَ مِنْ التَّسَبُّبِ فِي ضَابِطِ الْأَصْلِ رَاجِحًا عَلَى مَا وُجِدَ مِنْهُ فِي ضَابِطِ الْفَرْعِ فَلَا يُمْكِنُ تَعَدِّيَةُ الْحُكْمِ إلَيْهِ.

(وَجَوَابُهُ) أَيْ الْمُسْتَدِلِّ لِهَذَا السُّؤَالِ (إمَّا بِأَنَّ الضَّابِطَ) بَيْنَ هَذَيْنِ السَّبَبَيْنِ الْخَاصَّيْنِ (التَّسَبُّبُ) الْمُطْلَقُ وَهُوَ (مُنْضَبِطٌ عُرْفًا) وَهَذَا الْجَوَابُ (عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ) فِي مَسْأَلَةِ حُكْمِ الْقِيَاسِ الثُّبُوتُ فِي الْفُرُوعِ (مِنْ الْقِيَاسِ لِلْعِلَّةِ) أَيْ لَا يُعَلَّلُ لِإِثْبَاتِهَا (لِمَنْ مَنَعَهُ) أَيْ الْقِيَاسَ بِهَا (وَجَعَلَ) الْمَنَاطَ (الْمُشْتَرَكَ) بَيْنَ الْأَمْرِ الَّذِي ثَبَتَ عِلِّيَّتُهُ لِحُكْمٍ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِمَّا هُوَ كَذَلِكَ (عِلَّتَهُ) أَيْ عِلَّةَ ذَلِكَ الْمَنَاطِ الْمُشْتَرَكِ إنْ انْضَبَطَ وَكَانَ ظَاهِرًا وَحِينَئِذٍ فَلَا قِيَاسَ وَمَا يُخَالُ أَصْلًا وَفَرْعًا إنَّمَا هُمَا فَرْدَا ذَلِكَ الْمَنَاطِ الْمُشْتَرَكِ (أَوْ بِأَنَّ إفْضَاءَهُ) أَيْ الضَّابِطِ إلَى الْمَقْصُودِ فِي الْفَرْعِ (مِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ إفْضَاءِ الضَّابِطِ إلَى الْمَقْصُودِ فِي الْأَصْلِ (أَوْ أَرْجَحُ) مِنْهُ فَيَثْبُتُ الْحُكْمُ فِيهِ بِطَرِيقِ الْمُسَاوَاةِ عَلَى التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ وَبِطَرِيقٍ أَوْلَى عَلَى التَّقْدِيرِ الثَّانِي كَمَا (فِيمَا لَوْ جَعَلَ أَصْلَهُ) أَيْ أَصْلَ هَذَا الْفَرْعِ (إغْرَاءُ الْحَيَوَانِ) بِأَنْ يَقُولَ الْمُسْتَدِلُّ يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الشَّاهِدِ زُورًا بِإِغْرَائِهِ لِأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ عَلَى الْقَتْلِ بِالْقِصَاصِ لِشَهَادَتِهِ قِيَاسًا عَلَى إغْرَاءِ الْحَيَوَانِ عَلَى الْقَتْلِ (فَإِنَّ الشَّهَادَةَ أَفْضَى إلَى الْقَتْلِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ إغْرَاءِ الْحَيَوَانِ فَإِنَّ انْبِعَاثَ أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ عَلَى قَتْلِ مَنْ شَهِدُوا عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ طَلَبًا لِلتَّشَفِّي وَالْأَخْذِ بِثَأْرِ الْمَقْتُولِ أَرْجَحُ مِنْ انْبِعَاثِ الْحَيَوَانِ عَلَى قَتْلِ مَنْ يُغْرِي هُوَ عَلَيْهِ لِسَبَبِ نُفْرَتِهِ عَنْ الْآدَمِيِّ وَعَدَمِ عِلْمِهِ بِالْإِغْرَاءِ.

(وَكَوْنُهُمَا) أَيْ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ فِي الْقِيَاسِ الْمَذْكُورِ (التَّسَبُّبَ بِالشَّهَادَةِ عَلَى التَّسَبُّبِ بِالْإِغْرَاءِ) كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَصَرَّحَ بِهِ عَضُدُ الدِّينِ قِيَاسٌ (بِلَا جَامِعٍ بَلْ) الْوَجْهُ فِيهِمَا (الشَّهَادَةُ) أَيْ قِيَاسُهَا (عَلَى الْإِكْرَاهِ أَوْ الْإِغْرَاءِ أَوْ الشَّاهِدِ) أَيْ قِيَاسِهِ (عَلَى الْمُكْرَهِ بِالتَّسَبُّبِ أَوْ بِإِلْغَاءِ التَّفَاوُتِ) بَيْنَ ضَابِطَيْ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ فِي الْمَصْلَحَةِ (إذَا أَثْبَتَهُ) أَيْ الْمُسْتَدِلُّ التَّفَاوُتَ (فِي خُصُوصِهِ) أَيْ ذَلِكَ الْمَحَلِّ كَمَا إذَا قَالَ التَّفَاوُتُ الْمَذْكُورُ مُلْغًى فِي الْقِصَاصِ

لِمَصْلَحَةِ حِفْظِ النَّفْسِ

إذْ لَا فَرْقَ فِي الْقِصَاصِ بِالْمَوْتِ بِقَطْعِ الْأُنْمُلَةِ وَبِالْمَوْتِ بِضَرْبِ الرَّقَبَةِ وَإِنْ كَانَ ضَرْبُ الرَّقَبَةِ أَشَدَّ إفْضَاءً إلَى الْمَوْتِ مِنْ قَطْعِ الْأُنْمُلَةِ (وَإِلَّا) لَوْ لَمْ يُثْبِتْهُ فِي خُصُوصِهِ (لَمْ يَفْدِ) لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ إلْغَاءِ فَارِقٍ مُعَيَّنٍ إلْغَاءُ كُلِّ فَارِقٍ (فَلَمْ تَذْكُرْهُ) أَيْ هَذَا السُّؤَالَ (الْحَنَفِيَّةُ لِرُجُوعِهِ إلَى الْمُعَارَضَةِ فِي الْأَصْلِ وَسُؤَالُ الْقَلْبِ مُنْدَرِجٌ فِي الْمُعَارَضَةِ) لِأَنَّهَا دَلِيلٌ يَثْبُتُ بِهِ خِلَافُ حُكْمِ الْمُسْتَدِلِّ وَالْقَلْبُ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ نَوْعٌ مِنْهَا مَخْصُوصٌ فَإِنَّ الْأَصْلَ وَالْجَامِعَ فِيهِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ قِيَاسَيْ الْمُسْتَدِلِّ وَالْمُعَارِضِ ذَكَرَهُ عَضُدُ الدِّينِ شَرْحًا لِقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْحَقُّ أَنَّهُ نَوْعُ مُعَارَضَةٍ اشْتَرَكَ فِيهِ الْأَصْلُ وَالْجَامِعُ لَكِنْ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ الْمُرَادُ بِهَذِهِ الْمُعَارَضَةِ مَا عَلَيْهِ اصْطِلَاحُ الْخِلَافِيِّينَ وَهِيَ إقَامَةُ الدَّلِيلِ عَلَى خِلَافِهِ مَا أَقَامَ الْمُسْتَدِلُّ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ مُغَايِرًا لِدَلِيلِهِ أَوْ عَيْنَهُ وَهِيَ أَعَمُّ مِنْ الْمُعَارَضَةِ فِي الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لِاشْتِرَاطِ مُغَايَرَةِ الْوَصْفَيْنِ أَعْنِي وَصْفَيْ الْمُعَلِّلِ وَالْمُعَارِضِ فِيهَا اهـ فَعَلَى هَذَا قَوْلُ عَضُدِ الدِّينِ.

وَفَائِدَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَجِيءُ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي الْمُعَارَضَةِ فِي قَبُولِهِ وَيَكُونُ الْمُخْتَارُ قَبُولَهُ إلَّا أَنَّهُ أَوْلَى بِالْقَبُولِ مِنْ الْمُعَارَضَةِ الْمَحْضَةِ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ مِنْ الِانْتِقَالِ فَإِنَّ قَصْدَ هَدْمِ دَلِيلِ الْمُسْتَدِلِّ لِأَدَائِهِ إلَى التَّنَاقُضِ ظَاهِرٌ فِي الْقَلْبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>