للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونعيم القبر، وما أشبه ذلك، فإنه يدخل في الإيمان باليوم الآخر؛ لأن الموت آخر ما للإنسان في الدنيا، فإن من مات قامت قيامته، والإيمان باليوم الآخر يتضمن استقامة الإنسان على دين الله؛ لأنه يخاف اليوم الآخر، ويرجو اليوم الآخر، كما قال تعالى: {لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} [الممتحنة: ٦] فهو يخاف اليوم الآخر فيتجنب المعصية، ويرجو اليوم الآخر فيقوم بالطاعة، ولهذا يقرن الله تبارك وتعالى دائمًا بين الإيمان به والإيمان باليوم الآخر؛ لأن الإيمان باليوم الآخر هو الذي يحمل على الإستقامة أو على تمام الإستقامة.

قوله: {أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا} فيها قراءتان "سيؤتيهم" و {سَنُؤْتِيهِمْ}، وقراءة "سيؤتيهم" جارية على نسق الكلام؛ لأن نسق الكلام كله للغائب في قوله: {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا} أي: "سيؤتيهم" الله {أَجْرًا عَظِيمًا} فالقراءة بالياء - وهي سبعية صحيحة - هي على نسق السياق، وأما القراءة بالنون ففيها انتقال من الغيبة إلى المتكلم، والإنتقال - ويسمى الإلتفات - له فائدة، وهي تنبيه المخاطب بما سيأتي بعد؛ لأنه إذا تغير نسق الكلام فلا بد أن يتوقف الإنسان متسائلًا: ما هو السبب الذي تغير به الكلام؟ وحينئذ ينتبه إلى المعنى أكثر.

أما الفوائد الأخرى التي تتفرع على الإلتفات، فكل مقام يذكر له ما يناسبه، فقوله هنا: {أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ} يكون تكفلًا صريحًا من الله عزّ وجل بأنه سيؤتيهم أجرًا عظيمًا، وإضافة الشيء إلى النفس أبلغ من إضافته إلى الغائب.

<<  <  ج: ص:  >  >>