للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويتولى أمورنا، و {نَصِيرًا} ينصرنا على أعدائنا، والنصير هو المدافع المانع من عدوك أن يعتدي عليك، والولاية تأتي بمعنى النصرة، ولكن مقام الدعاء ينبغي فيه البسط، وتأمل أن كلمة "اجعل" جاءت مرتين؛ لأن المقام مقام دعاء، ومقام الدعاء ينبغي فيه البسط؛ لأن الداعي يناجي الله عزّ وجل، ومناجاة الحبيب لمحبوبه كلما زادت كان ذلك أقوى في المحبة، ولهذا ترى الإنسان إذا كان يحب شخصًا يحب أن يكثر معه الكلام، وربما يجلس يتكلم معه مدة طويلة وكأنها أقل من هذه المدة بكثير.

واعلم أن الولي والنصير إذا اجتمعا صار الولي فيما ينفع، والنصير في دفع ما يضر، وأما إذا أفرد أحدهما شمل الآخر، فإذا قيل: ولي بدون نصير، فالمراد به من يجلب لك الخير ويدفع عنك الشر، وإذا قيل: النصير بدون ولي فالمراد من يدفع الشر ويجلب الخير، وإذا اجتمعا صار الولي فيمن يجلب الخير، والنصير فيمن يدفع الشر. يعني ويمنع أعداءه منه؛ لأن النصر معناه المنع كما في قوله تعالى: {فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا} [غافر: ٢٩].

* * *

* قال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (٧٦)} [النساء: ٧٦].

{الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} لما وبخ الله سبحانه وتعجب من الذين لا يقاتلون في سبيل الله، بيَّن أن المقاتلين

<<  <  ج: ص:  >  >>