للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١٤)} [النور: ١٣، ١٤] {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (١٥)} [النور: ١٥].

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - إثبات السبب، لقوله: {وَبِكُفْرِهِمْ}.

٢ - أن الكفر سبب للشر والفساد واللعن والإبعاد عن رحمة الله عزّ وجل؛ لأنه متعلق بمحذوف، كما قلنا في قوله: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ} [النساء: ١٥٥].

٣ - أن اليهود رموا مريم ببهتان عظيم، حيث قالوا: إنها زانية، وإن عيسى ابن زنا، نسأل الله العافية، وهذا بهتان عظيم، ولكن هل نقول: إنهم كفروا برميهم إياها؟ نقول: أما من قذفها بذلك بعد أن برأها الله منه فهو كافر، لا لقذفه ولكن لتكذيبه تبرئة الله سبحانه إياها، فعلى هذا يكون كفره من باب كفر الجحود؛ لأنه أنكر ما أثبته الله عزّ وجل، والله سبحانه قال: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا} [التحريم: ١٢] فشهد الله لها بإحصان الفرج، وعليه فمن رماها بما رماها به اليهود فإنه كافر مكذب لله عزّ وجل.

مسألة أخرى لها علاقة تامة بهذا: لو قذف أحد من الناس زوجة النبي عليه الصلاة والسلام عائشة رضي الله عنها بما برأها الله منه يكون كافرًا من وجهين:

الوجه الأول: تكذيب خبر الله عزّ وجل، وأول ما ذكر الله القصة ذكر الإفك {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} [النور: ١١] مما يدل على أن هذا القضية من أصلها وفصلها كذب، فمن رمى أم المؤمنين عائشة بما برأها الله منه فإنه كافر مكذب لله عزّ وجل.

الوجه الثاني: أنه دنس فراش النبي عليه الصلاة والسلام،

<<  <  ج: ص:  >  >>