للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غايته، وكلاهما صحيح؛ لأن القول كلما كان بليغًا كان أشد تأثيرًا؛ ولهذا جاء في الحديث: "إن من البيان لسحرًا، وإن من الشعر لحكمة" (١)، وكم من إنسان يعبر عن المعنى بعبارة بليغة غاية في البيان والفصاحة فيؤثر، ثم يأتي إنسان آخر يعبر عن هذا المعنى نفسه ولكن لا يؤثر شيئًا؛ بسبب عدم البلاغة، ولهذا من نعمة الله على العبد أن يعطيه الله بلاغة وفصاحة حتى يستطيع أن يعبر عما في نفسه فيكون مؤثرًا على غيره، وضد ذلك: من لم يكن بليغًا.

والبلاغة صارت فنًا مستقلًا، ألف فيه العلماء كتبًا، وهي فن لذيذ جدًا. لأنه مفيد من وجه، وله ذوق طيب من وجه آخر.

فهذه الآيات نزلت في قوم منافقين، يزعمون أنهم مؤمنون بالله ورسوله، وليسوا كذلك.

[من فوائد الآيات الكريمات]

١ - التعجب من هذه الحال الشاذة، وتؤخذ من الإستفهام في قوله: {أَلَمْ تَرَ}؛ لأن المراد بذلك التعجيب يعني: أن نتعجب من حاله.

٢ - أن الإنسان قد يدعي ما ليس صادقًا فيه، لقوله: {يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ}.

٣ - وجوب الإيمان بما أنزل إلى الرسول وما أنزل من


(١) هذا اللفظ عند الحاكم (٣/ ٧١٠)؛ والطبراني في الأوسط (٧/ ٣٤١) عن أبي بكرة، والشطر الأول من الحديث (إن من البيان لسحرًا) عند البخاري، كتاب النكاح، باب الخطبة، حديث رقم (٤٨٥١) عن ابن عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>