ثم قال تعالى:{وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} نعم والله، أمر الله مفعول، ومن يرد أمر الله؟ لا أحد يرده، فأمر الله لا بد أن يقع.
والأمر هنا بمعنى المأمور؛ يعني كان مأمور الله؛ أي: ما أمر به (مفعولًا).
ويحتمل أن يكون الأمر هو الأمر الكوني؛ أي: القضاء، ويكون المفعول بمعنى الواقع، وأيًا كان، سواء قلنا: إن الأمر بمعنى المأمور، وهذا لا بعد فيه؛ لأن الأمر مصدر، والمصدر يأتي أحيانًا بمعنى اسم المفعول؛ كقوله تعالى:{وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ}[الطلاق: ٤] أي: وأولات المحمولين؛ لأن الأحمال جمع حمل، والحمل هو الجنين في البطن، وكما في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد"(١) أي: مردود.
[من فوائد الآية الكريمة]
١ - وجوب الإيمان بالقرآن الكريم على أهل الكتاب، لقوله:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا}.
٢ - إقامة الحجة على هؤلاء الذين أوتوا الكتاب وكفروا بمحمد - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه لا عذر لهم؛ لأنهم أوتوا الكتاب فعندهم علم، ولأن الذي نزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - مصدق لما معهم، فليس لهم عذر، كتابهم بين أيديهم، وهو وسيلة العلم، ثم مجيء هذا القرآن مصدقًا لما معهم يثبت أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - حق، فوجب عليهم الإيمان به.
٣ - إثبات أن القرآن كلام الله، ووجهه قوله:{بِمَا نَزَّلْنَا}،