من قوله:{مِنَ الَّذِينَ هَادُوا} يعني: وبعض الذين هادوا لا يقولون هذا فيكونون مؤمنين، ولا شك أنه آمن من اليهود من آمن، وحسن إسلامه واستقام إيمانه، مثل عبد الله بن سلام - رضي الله عنه -.
[من فوائد الآية الكريمة]
١ - أن من اليهود من استقام فلم يحرف الكلم عن مواضعه، ويؤخذ من التبعيض، حيث جعل مَنْ يحرف الكلم عن مواضعه "بعضهم".
٢ - أن المحرفين للكلم عن مواضعه يشبهون اليهود في طريق استعمال الوحي.
٣ - عدل الله عزّ وجل، حيث تحدث عن اليهود بالقسط، فذكر الموصوفين بالعيب، وأخذ من هذا أن منهم من لم يوصف بذلك، لقوله:{مِنَ الَّذِينَ هَادُوا} ولم يقل: كل الذين هادوا، وينبغي للإنسان إذا تحدث عن قوم في مقام التقويم أن يذكر المحسن والمسيء.
أما في مقام التحذير فإنه لا يذكر الإحسان؛ لأن الإحسان لا يتأتى أو لا يتناسب مع إيراد التحذير.
٤ - شدة عناد اليهود الذين يحرفون الكلم عن مواضعه، لقوله:{وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا}، فإنهم لو قالوا: لم نسمع، أو قالوا: سمعنا ولم نفهم، لربما قال قائل: إن هذا عذر، لكن قالوا:{سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا}، فلم يمنعهم شيء عن الطاعة إلا مجرد عصيان.
٥ - أن من عتا من هذه الأمة وقال: أنا أعلم أن صلاة الجماعة واجبة ولكن لا أصلي مع الجماعة، نقول: من قال ذلك فهو يشبه اليهود الذين قالوا: {سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا}.