امتدح الله الرجال الذين {لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ}[النور: ٣٧] , قال بعض أهل العلم: والتجارة التي يقصد بها التكثر من الدنيا هي أيضًا مذمومة؛ لأن الغالب أن من كانت هذه نيته أن تصده التجارة عن ذكر الله، فإذا رأيت من نفسك جشعًا وطمعًا وشحًا في التجارة فأمسك؛ لأنه يخشى أن يكون ذلك على حساب الدين.
* * *
* قال الله تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (٣٠)} [النساء: ٣٠].
الإعراب في هذه الآية "مَن" شرطية، وفعل الشرط {يَفْعَلْ} وجوابه {فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا} وارتبطت جملة الجواب بالفاء لوجود ما يقتضي ذلك، وهو"سَوْفَ"، والجواب الذي يحتاج إلى ربط بالفاء مجموع في قول الشاعر:
اسمية طلبية وبجامد ... وبما وقد وبلن والتنفيس
وسوف تدخل في قوله:"وبالتنفيس".
قوله:{ذَلِكَ} المشار إليه ما ذكر في الآية السابقة فقط، خلافًا لبعض العلماء الذين قالوا: إن قوله: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ} أي: كل ما نهي عنه من أول السورة، فإن هذا لا وجه له، بل نقول: الإشارة تعود إلى أقرب مذكور؛ أي: من يأكل الأموال بالباطل إلا ما استثني، ومن يقتل النفس عدوانًا وظلمًا.
{عُدْوَانًا} أي: اعتداءً، بأن يفعله عن قصد.
{وَظُلْمًا} قيل: إنها من باب عطف المرادف على مرادفه؛ لأن الظلم عدوان والعدوان ظلم.