١٧ - أن الله تعالى يطبع على القلب بالكفر، بمعنى أن الإنسان إذا كفر ولم يعلم الله فيه خيرًا طبع الله على قلبه، فلا يهتدي أبدًا، لقوله تعالى:{بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ}، وهذا إبطال لاحتجاجهم بالقدر، وهناك أيضًا آية تبين هذا أعظم بيان، أن من زاغ عن الحق فهو السبب، وذلك في قوله تعالى:{فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}[الصف: ٥] فلا يمكن لأحد أن يزيغ إلا وهو السبب في زيغ نفسه.
١٨ - أن من طبع الله على قلبه فإنه لا يؤمن إلا قليلًا، يعني: إلا إيمانًا قليلًا لا يقوى به على الإستقامة، وقد سبق لنا أن {قَلِيلًا} هذه لها ثلاثة احتمالات، وأن الآية تعم الجميع؛ لأن لدينا قاعدة في التفسير، وينبغي أن لا تغيب عن أفهامنا: أنه متى احتملت الآية أكثر من معنى بدون أن يكون هناك تناقض فإنها تحمل على كل المعاني.
* * *
* قال الله تعالى: {وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (١٥٦)} [النساء: ١٥٦].
{وَبِكُفْرِهِمْ} معطوف على قوله: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ} هذا هو الراجح، وإن كان فيها خلاف عند المعربين، لكن هذا أرجح ما يكون؛ أي:{بِكُفْرِهِمْ}"لعناهم".
وقوله:{وَبِكُفْرِهِمْ} هذا توكيد على أنهم كفروا كفرًا أكبر، أكد بهذا التكرار.
قوله:{وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا}{وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ} وهي بنت عمران وأخت هارون، وهنا إشكال: كيف تكون أختًا