للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاللازمة بمعنى أنه صد عنه بنفسه، والمتعدي أنه صد غيره عنه، وكلا الوصفين ثابت لهؤلاء، فهم صادون عنه بأنفسهم، وهم صادون غيرهم عنه، حتى إن بني إسرائيل يدعون أن سليمان بن داود عليه الصلاة والسلام ليس نبيًا، ولكنه ملك واسع الملك قوي السلطان، وكذلك داود عليه السلام يرون أنه ليس بنبي ولكنه ملك، والصواب أنهما من الرسل والأنبياء، لكن الله تعالى أعطى سليمان ذلك الملك العظيم.

ثم قال: {وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا} يعني: ما أعظم السعير الذي يحصل لهؤلاء بجهنم، {وَكَفَى} سبق أنها تتعدى بالباء، ولكنهم يقولون: إن الباء زائدة لفظًا يعني: من حيث الإعراب، وأما من جهة المعنى فلها فائدة وهي تعدية كفى إلى المعمول، ويقولون: إن الباء حرف جر زائد، وأن "جهنم" في هذه الآية هي الفاعل؛ أي: كفت، وأن قوله: {سَعِيرًا} تمييز، والسعير بمعنى المسعر، أو بمعنى الساعر وكلاهما يدل على الإحراق العظيم.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - أن الناس ينقسمون فيما يعطيهم الله تعالى من نعم الدين والدنيا إلى قسمين:

قسم يؤمن، وقسم يكفر، وهذه هي سنة الله كما قال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} [التغابن: ٢]، ولو شاء الله لجعل الناس أمة واحدة، ولكن من رحمته أن جعلهم يتفرقون حتى يعلم الله الصادق من الكاذب، وحتى يقوم علم الجهاد، وحتى يقوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحتى

<<  <  ج: ص:  >  >>