للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم" (١).

* * *

* قال الله تعالى: {وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا (١٠٧)} [النساء: ١٠٧].

{وَلَا تُجَادِلْ} "لا" ناهية، والمجادلة هي: مماراة الخصم من أجل الظهور عليه، سميت بذلك إما من الجدْل وهو فتل الحبل وإحكامه؛ لأن المجادل يحكم حجته، وإما من الجدالة وهي الأرض؛ وكأن المجادل يطرح خصمه على الأرض حتى لا يكون به حراك.

وعلى كل حال: فهي المماراة والمدافعة من أجل الظهور على الخصم.

والنهي عن المجادلة لا يستلزم وقوعها، فقد يُنهى الإنسان عن الشيء وإن لم يقع، لكنه قد يقع، فينهى عن شيء متوقع غير واقع، فلا يلزم من قوله تعالى: {وَلَا تُجَادِلْ} أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - جادلهم.

وقوله: {وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ} أي: يطلبون لها الخيانة فيوقعونها فيها، وهم هؤلاء الذين قالوا: إن صاحبنا لم يسرق، وإن السارق هو اليهودي.

وقوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا} وإذا كان الله


(١) رواه مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، حديث رقم (٧٧٠) عن عائشة.

<<  <  ج: ص:  >  >>