للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتارة بالإنحلال الخلقي، وتارة بالدمار العسكري، وتارة بالأفكار السيئة الرديئة، فهم يرون السلاح الذي هو أنكأ فيستعملونه ولا يبالون، يعني: لو أن الأمر أفضى إلى العدوان المسلح لفعلوا؛ لأنهم يريدون أن نضل السبيل.

فإن قال قائل: لماذا يريدون أن نضل السبيل؟

الجواب: أن نقول: لأنهم ضُلَّال، وكل إنسان يريد أن يكون الناس على شاكلته، هذا من وجه، ومن وجه آخر: أنهم أولياء للشيطان، والشيطان قال يخاطب الله عزّ وجل: {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (١٦) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (١٧)} [الأعراف: ١٦ - ١٧]، وتأمل قوله: {لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ} ولم يقل "على صراطك، ولا في صراطك"، بل حذف حرف الجر، ليشمل قعوده على الصراط حتى لا ندخل، وقعوده في الصراط حتى لا نتم السير، وهو كذلك، فهو يقعد لنا على الصراط خارجًا حتى لا ندخل، وفي الصراط داخلًا حتى لا نتم المسير، وهؤلاء هم أولياء الشيطان، كما قال تعالى: {فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ} [النساء: ٧٦]، وإذا كانوا أولياءه فسوف يناصرونه على ما يريد من إضلال عباد الله.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - أن من الناس من يؤتى الكتاب ويرزق العلم، ولكنه لا ينتفع به، مثل هؤلاء الذين أوتوا نصيبًا من الكتاب، ومع ذلك لم ينتفعوا به واشتروا الضلالة بالهدى.

٢ - أن من لم ينتفع بعلمه فهو شبيه بهؤلاء، فمن آتاه الله

<<  <  ج: ص:  >  >>