للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُخْفُوهُ} وهذه قاعدة مفيدة في التفسير، أنه ربما يخفى عليك معنى بعض الكلمات، فتنظر إلى ما يقابلها، فقوله تعالى: {فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا} [النساء: ٧١] لو أن أحدًا سأل ما معنى {ثُبَاتٍ} لعرفت معناها من ذكر مقابلها، وهو قوله: {أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا} فيكون معنى {ثُبَاتٍ} أي: فرادى، إذًا: المعنى إن تظهروا خيرًا أو تخفوه فلن تعدموا أجره، فسوف تؤجرون عليه؛ لأن الخير مطلوب ونافق، سواءً كان مبدى، أو مخفي.

في مقابل ذلك قوله: {أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ}، قوله: {تَعْفُوا} العفو هو الإبراء من التبعة، فالمعنى {تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ} أي: تبرئوا من أساء إليكم من تبعة سوئه.

وقوله: {عَنْ سُوءٍ} أي: عما يسوء من قولٍ أو فعل.

قوله: {فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا} أي: أنه ذو عفو مع القدرة على الإنتقام ممن أساء إليه، فإذا كان الله تعالى عافيًا عمن أساء مع القدرة، فأنتم من باب أولى أن تعفوا؛ لأنكم ليس لديكم القدرة في الإنتصار للنفس، والإنتقام من المجرم كالذي عند الله عزّ وجل.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - أن الخير خير، سواء أبدي أو أخفي، فإن قيل: أيهما أفضل الإبداء أو الإخفاء؟

الجواب: قد يقول القائل: الإخفاء أفضل، وهنا قد يعارض قوله: كون الله بدأ بالإظهار فقال: {إِنْ تُبْدُوا}، وإنما يبدأ بالأهم فالأهم، ولكن الذي يظهر أن ذلك راجع إلى المصلحة، فإن كانت المصلحة في الإبداء أظهر، مثل أن يكون رجلًا ذا

<<  <  ج: ص:  >  >>