للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قال الأول:

ما للعباد عليه حقٌ واجب ... كلا ولا عملٌ لديه ضائعُ

إن عُذِّبوا فبعدله أو نُعِّموا ... فبفضله وهو الكريم الواسعُ

ولكن ابن القيم رحمه الله قيد هذا فقال:

ما للعباد عليه حقٌ واجبُ ... هو أوجب الأجر العظيم الشأن

فجعل عليه حقًا واجبًا، لكن هو الذي أوجبه.

إن عذبوا فبعدله أو نعموا ... فبفضله والفضل للمنان

فالحاصل: أن الله سمى الثواب أجرًا تكرمًا منه وفضلًا؛ كأن العاملين لأنفسهم عاملون له، إذا انتهى عملهم أوفاهم أجورهم.

وقوله: {سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ} لم يبين هنا مقدار الأجر، لكنه بينه في مواضع كثيرة في القرآن، وكذلك في السنة، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة.

قوله: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} لما كان هؤلاء المؤمنون {بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ} لما كانوا قد يخطئون، ختم الله هذه الآية بقوله: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} ولما كان هذا الإيمان المطابق من فضله ورحمته أردف المغفرة بالرحمة، فهؤلاء لا بد أن يقصروا, ولا أحد إلا يقصر، فختم الآية بالمغفرة، ثم هذا الإيمان الذي حصل لهم ليس بكسبهم، ولا من عمل أيديهم، ولكنه من رحمة الله عزّ وجل، فلذلك ناسب أن تختم الآية بالغفور الرحيم.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - أن القرآن الكريم مثاني، إذا ذكر شيئًا ذكر ضده بالوجوه التي ذكرناها في الشرح.

<<  <  ج: ص:  >  >>