وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ (٩٨)} [البقرة: ٩٨] لم يقل: عدوًا له الذي هو مقتضى السياق.
الفائدة الثالثة: مراعاة فواصل الآيات.
[من فوائد الآيتين الكريمتين]
١ - غلبة الهوى على كثير من الناس؛ لأن هؤلاء الذين يفرقون بين الله ورسله أو يؤمنون ببعض الرسل دون بعض، لا يحملهم على ذلك إلا الهوى، فاليهود يقولون: لا نؤمن بغير موسى، والنصارى يقولون: لا نؤمن بغير عيسى، لمجرد الهوى.
٢ - أن الكفر ببعض الرسل كفر بالجميع لقوله:{أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا}، ويدل على هذا أيضًا قوله تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (١٠٥)} [الشعراء: ١٠٥] مع أن نوحًا كان أول الرسل، ومع ذلك جعل تكذيب قومه له تكذيبًا لجميع الرسل؛ لأن التكفير بالرسول كأنه تكفير بالجنس أي: بجنس الرسالة، وإلا فما الفرق بين محمد، وعيسى، وموسى، وإدريس ونوح عليهم السلام، وما أشبه ذلك؟
٣ - أن هؤلاء المفرقين يقولون: إننا نتخذ ذلك سبيلًا، يعني: لنرضي هؤلاء وهؤلاء، وهذا لا ينجيهم من عذاب الله، ولا ينجيهم من الكفر.
٤ - ذم تلك الطريقة أي: الإيمان بالبعض دون البعض، وإن هذا منهج قبيح، فيتفرع على هذا ذم أهل الكلام الذين أرادوا أن يجمعوا بين الدليل السمعي والعقلي في صفات الله، وقالوا: إننا أخذنا بهذا وهذا، من أجل التوفيق بين الأدلة، وهم خالفوا الأدلة كلها، فهم أرادوا الجمع بين دليل السمع والعقل، ولكنهم