للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دون ذلك فهو تحت المشيئة، فليس مغفورًا ولا مؤاخذًا به، بل هو تحت المشيئة.

ثم إننا نقول: كل شيء قيده الله سبحانه بالمشيئة فإنه مقرون بالحكمة، إن اقتضته الحكمة شاءه الله، وإن لم تقتضه فإنه لا يشاؤه؛ لأن فوات الحكمة سفه، والله تعالى منزه عنه، ويدل لهذا القيد أن كل ما قيده الله بالمشيئة فإنه مقرون بالحكمة، قوله تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (٣٠)} [الإنسان: ٣٠] فقوله: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} أعقبها قوله: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}، فبين أن مشيئة الله تابعة لعلمه وحكمته.

قوله: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} صدق ربنا، من يشرك بالله فهذا أعظم مفتر، يعني: من يشرك بالله في ربوبيته، أو في عبادته، أو في أسمائه وصفاته، فقد افترى إثمًا عظيمًا؛ أي: كذب كذبًا عظيمًا، أو كذب كذبًا يستحق به الإثم العظيم؛ لأن أعظم ذنب كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: "أن تجعل لله ندًا وهو خلقك" (١) إذ كيف تجعل لله ندًا وهو الذي خلقك، هذا أعظم شيء {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: ١٣]؛ فهذا معنى الآية.

[من فوائد الآية الكريمة]

١ - عظم الشرك، وأن الله سبحانه لا يغفره لأنه أعظم


(١) رواه البخاري، كتاب التفسير، باب سورة البقرة، حديث رقم (٤٢٠٧)؛ ومسلم، كتاب الإيمان، باب كون الشرك أقبح الذنوب وبيان أعظمها بعده، حديث رقم (٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>